المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية
التاريخ 8/2/1425هـ
السؤال
ما هو تفسير قول الرسول - صلى الله عليه وسلم-: "الأئمة من قريش" وشكراً لكم.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه، وبعد:
فهذا الحديث المتفق على صحته من الأحاديث المتواترة فرواه أحمد (12489 - 19278) والحاكم في المستدرك (6962) وغيرهما، وقد ذكر الحافظ ابن حجر أنه جمع طرقه عن نحو أربعين صحابيًّا - رضي الله عنهم-، فتح الباري (7/32) ، وقد انعقد الإجماع على اشتراط القرشية في الخليفة الذي يختاره أهل الحل والعقد إماماً للمسلمين، حكى هذا الإجماع النووي والقاضي عياض، والماوردي، وغيرهم، ولم يخالف في ذلك إلا ما حكي عن بعض الخوارج، وبعض المتكلمين، وقلة من المعاصرين.
أما تفسيره فهو من ظاهره، وهو أنه يشترط في الخليفة العام للمسلمين أن يكون قرشياً، قال النووي: (هذه الأحاديث وأشباهها دليل ظاهر على أن الخلافة مختصة بقريش، لا يجوز عقدها لأحد من غيرهم، وعلى هذا انعقد الإجماع في زمن الصحابة- رضي الله عنهم- والتابعين، فمن بعدهم بالأحاديث الصحيحة) أ. هـ، شرح مسلم (12/200) ، وقد اشترط ذلك الأئمة الأربعة، وقال به الإمام أبو حنيفة في رواية زرقان عنه (أصول الدين ص275) ، وقال الإمام مالك: ولا يكون الإمام إلا قرشياً وغيره لا حكم له إلا أن يدعو إلى الإمام القرشي) ، أحكام القرآن لابن العربي (4/1721) ، ونص على ذلك الشافعي في الأم (1/143) ، وقال الإمام أحمد في رواية الاصطخري: الخلافة في قريش ما بقي من الناس اثنان ليس لأحد من الناس أن ينازعهم فيها، ولا يخرج عليهم، ولا يُقر لغيرهم بها إلى قيام الساعة) طبقات الحنابلة (1/26) .
لكن هذا الشرط لا يشترط في ولاية الأقاليم، ولا يشترط إلا عند الاختيار من أهل الحل والعقد، أما الإمام المتغلب الذي غلب على الحكم بالقوة فلا يشترط فيه القرشية؛ بدليل قول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "اسمعوا وأطيعوا، وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة" رواه البخاري (693) من حديث أنس - رضي الله عنه -، فالحديث أوجب الطاعة لكل إمام، وإن كان عبداً حبشيًّا. والله أعلم.