المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح
التاريخ 28/08/1425هـ
السؤال
هل يجوز لوالدي أن يمنعني من الزواج؟ حيث تقدم لي شخص فيه جميع الصفات التي أتمناها في من سيكون شريك حياتي، فهو محافظ على الصلاة جماعة، وعلى خلق كريم، ومن أسرة طيبة، وعمله ممتاز، وأهم من هذا كله هو دينه، حيث يختلف عن كثير من شباب هذا اليوم، وأرى أنه يناسبني، وقد استخرت الله، إلا أن أبي قال سوف أرفضه، وعندما سألته: لماذا؟ قال إنه لن يزوجني إلا من شخص يعرفه، فقلت له: إن هذا ليس المقياس الصحيح في الإسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة وفساد كبير". وقد أخبرت أبي بأني أرفض طريقته هذه في تزويجي، إلا أنه رفض وقال: تريدين هكذا طريقة، أو تجلسي دون زواج لا يهم. أسألكم بالله هل ما يفعله أبي صحيح أم لا؟. وما توجيهكم لنا؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن المفاسد التي تترتب على حرمان المرأة من الزواج، أو تأخيرها عنه لا يعلمها إلا الله تعالى، ومن ينظر في أحوال المجتمعات التي يكثر فيها هذا الأمر يَرَ ذلك واضحًا جليًّا. وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه المفاسد بقوله: "إذَا خَطَبَ إِلَيْكُم مَن تَرْضَونَ دِينَه وخُلُقَه فَزَوِّجُوه؛ إلاَّ تَفْعَلوا تَكُنْ فِتْنَةٌ في الأرضِ وفَسَادٌ عَرِيضٌ". رواه الترمذي (1084) عن أبي هريرة. والحديث حسنه الألباني في صحيح الترمذي. ومن منع موليته من التزوج بالكفء المرضي في دينه وخلقه، كان عاضلاً لها، وتنتقل الولاية منه إلى من بعده من الأولياء، ومعنى العَضْلُ: منع المرأة من التزوج بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه. قال معقل بن يسار، رضي الله عنه: زَوَّجْتُ أُخْتًا لِي مِنْ رَجُلٍ، فَطَلَّقَهَا، حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا جَاءَ يَخْطُبُهَا، فَقُلْتُ لَهُ: زَوَّجْتُكَ وَفَرَشْتُكَ وَأَكْرَمْتُكَ فَطَلَّقْتَهَا، ثُمَّ جِئْتَ تَخْطُبُهَا! لَا وَاللَّهِ لَا تَعُودُ إِلَيْكَ أَبَدًا. وَكَانَ رَجُلًا لَا بَأْسَ بِهِ، وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تُرِيدُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَة: َ (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ) . فَقُلْتُ: الْآنَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ. رواه البخاري (5130) .
فإذا رغبت المرأة في كفء بعينه، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته، كان عاضلاً لها. فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها فله منعها من ذلك، ولا يكون عاضلاً لها.