المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأنكحة المحرمة
التاريخ 4/11/1424هـ
السؤال
أريد من فضيلتكم جواباً شافياً كافياً في مسألة نكاح المتعة، وهل القول بأنه كان جائزاً في فترة من فترات الرسول صلى الله عليه وسلم بعد البعثة، وتحديداً في ظل الدولة الإسلامية الأولى ثم حرم بعد ذلك؟ هل هو قول صحيح؟ وإن صح هذا القول فما هو الرد على هذه الشبهة التي تقول إن العلة واحدة، ومع ذلك أحل وحرم ثم أحل وحرم؟ كما قال الإمام الشافعي رحمه الله:"لا أعلم شيئا أحله الله ثم حرمه, ثم أحله ثم حرمه, سوى المتعة" انتهت الشبه، هل القول المنسوب إلى الشافعي صحيح؟ وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن نكاح المتعة محرم بالاتفاق، كما صرح به الإمام ابن عبد البر في الاستذكار (5/508) ، حيث قال: (اتفق أئمة علماء الأمصار من أهل الرأي والآثار على تحريم نكاح المتعة لصحة نهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندهم عنها) ا. هـ، ومن تلك الأحاديث ما أخرجه مسلم في صحيحه برقم: (1406) ، عن سبرة الجهني: "أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً".
وقد علق النووي في شرحه على صحيح مسلم (9/179) ، على هذا الحديث ونحوه، فقال: ( ... قال المازري: ثبت أن نكاح المتعة كان جائزاً في أول الإسلام، ثم ثبت بالأحاديث الصحيحة المذكورة هنا أنه نسخ، وانعقد الإجماع على تحريمه، ولم يخالف فيه إلا طائفة من المبتدعة - يعني الرافضة-) ثم قال النووي في شرحه هذا (9/181) ، (والصواب المختار أن التحريم والإباحة كانا مرتين، فكانت حلالاً قبل خيبر، ثم حرمت يوم خيبر، ثم أبيحت يوم فتح مكة، وهو يوم أوطاس لاتصالهما، ثم حرمت يومئذ بعد ثلاثة أيام تحريماً مؤبداً إلى يوم القيامة) ا. هـ.
وهذا يوافق ما نقله ابن قدامة وغيره عن الإمام الشافعي أنه قال: (لا أعلم شيئاً أحله الله ... ) إلخ.. وصحح العلامة ابن القيم في زاد المعاد (5/111) بأن التحليل والتحريم لهذا النكاح وقع مرة واحدة، فقال: (واختلف هل نهي عنها - يعني نكاح المتعة- يوم خيبر؟ على قولين، والصحيح: أن النهي إنما كان عام الفتح، وأن النهي يوم خيبر إنما كان عن الحمر الأهلية ... ) ا. هـ.