المجيب سليمان بن عبد الله القصير
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 15/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
عن عائشة، رضي الله عتها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "استأمروا النساء في أبضاعهن" (رواه أحمد والنسائي) . الحديث السابق يوضح بجلاء أنه يجب أخذ الإذن من المرأة، ونص الحديث لا يحدد ذلك في عقد الزواج- كما يفهمه البعض أنه يتعلق بعقد الزواج فقط، فكما أرى من الحديث فإن المرأة لها حرية التحكم في جسدها، وعلى الزوج أن يطلب الإذن من زوجته للجماع. فماذا تقولون في ذلك على ضوء الحديث أعلاه؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هذا الحديث أخرجه البخاري (6946) والنسائي (3266) وأحمد (24185) ، ولفظه عند البخاري عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قلت: يا رسول الله، يُستأمر النساء في أبضاعهن؟ قال: "نَعَمْ". قلتُ: فإنَّ البِكْرَ تُستأمر فتستحيي فتسكت؟ قال: "سُكَاتُها إِذْنُهَا".
ولفظه عند النسائي وأحمد عن عائشة، رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "اسْتَأْمِرُوا النِّساءَ في أَبْضَاعِهِنَّ". قيل: فإن البكر تستحي وتسكت؟ قال: "هُوَ إِذْنُهَا".
فالحديث ظاهر في أن المراد عقد النكاح، وجميع كتب الحديث وشروحها التي وقفتُ عليها تذكر هذا الحديث في باب عقد النكاح، وأن المراد منه وجوب أخذ إذن المرأة ورضاها في الزوج الذي سيعقد عليها.
أما ما فهمته السائلة فهو يعارض الحديث الصحيح، وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا دعَا الرَّجلُ امرأتَه إلى فراشِه فَأَبَتْ، فبات غَضْبَانَ عَلَيْها، لَعَنَتْها الملائكةُ حتَّى تُصْبِحَ". أخرجه البخاري (3237) مسلم (1736) وغيرهما. فهذا الحديث يوجب على المرأة أن تستجيب لزوجها إذا دعاها للجماع، ما لم تكن معذورة بمرض أو نحوه؛ لأن موجب عقد النكاح هو بذل المرأة نفسها لزوجها مقابل تأمين النفقة والسكنى لها. ويفيد الحديث أنه إذا لم يغضب الزوج على المرأة لكونه عَذَرها فأَنَّها لا تلعنها الملائكة لقوله: "فبات غضبان عليها".
والشرع إنما ألزم المرأة بتحقيق رغبة الزوج؛ لأن حاجته لقضاء الشهوة أشد من المرأة، وافتتانه بالنظر إلى النساء أعظم، بسبب كثرة خروجه من المنزل، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا ترَكتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِن النِّساءِ". أخرجه البخاري (5096) ومسلم (2740) . وقال: "اتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ ". أخرجه مسلم (2742) .
ولكن ينبغي للزوج أن يراعي حالة زوجته، فلا يكرهها على أمر لا تريده؛ لأن هذا من تمام العشرة بالمعروف، ومن تمام الخيرية التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُكُم خيرُكم لأَهْلِهِ، وأنا خيرُكم لأَهْلِي". أخرجه الترمذي (3895) . والله أعلم. وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.