المجيب يوسف أبرام
مدير المركز الإسلامي بزيورخ في سويسرا وعضو المجلس الأوروبي للافتاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 10/6/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمه الله ووبركاته.
أنا أملك شركة للنقل الخفيف في دولة أوربية من حوالي سنة أو أكثر قليلاً، تعاقدت مع شركة لتوزيع الصحف اليومية (المجلات الأسبوعية) ، حيث أقوم أنا بنقلها إلى المحلات العامة، لاحظت أن بعض المجلات والصحف تنشر بعض الصور الفاضحة، وبعض هذه المجلات متخصصة في هذه الصور، أنا أنظر إلى هذا العمل على أنه مثل سائق التاكسي ينقل الزبون وما يحمله إلى المكان الذي يريده، فأنا لا أبيعه ولا أشتري ولكنى أقوم بالتوصيل فقط، بالطبع ليس لي حق الاعتراض على ما أحمله، المشايخ الأفاضل من أهل الفتوى والعلم: ما رأي الشريعة السمحة في هذا العمل؟.وتقبلوا فائق الاحترام.
الجواب
الحمد لله وحده. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
اعلم أخي الفاضل أنه لا مجال للعقل أو القياس في مجال النص.
فقياسك نقل المجلات الخليعة على نقل الزبون وما يحمله قياس غير مستقيم؛ لأن سائق التاكسي غير مسؤول عما يحمله الزبون في حقيبته، ولم يحملنا الشرع ما لا طاقة لنا به، بل إن سائق التاكسي له أن يرفض أي زبون ولا يحاسبه أحد؛ لأنه أمير على سيارته، والقانون الأوربي -حسب علمي والله أعلم- لا يوجب على سائق التاكسي أن يحمل الزبون السكران والعنيف، وكل من يهدِّد سلامته.
إن قولك: (وبعض هذه المجلات متخصصة في هذه الصور) تشير بها -إن فهمتُ الإشارة- إلى أن تلك المجلات خليعة جنسية والعياذ بالله. وحينئذ يكون السؤال الرئيس: هل يجوز لك نقل هذه المجلات؟
الجواب:
لا يجوز لأن الله -سبحانه وتعالى- أمرنا بأن نعمل الخير ونتعاون عليه ونترك الشر ونتعاون على تركه، قال -عز وجل-: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] .
إن شراء هذه المجلات الخليعة والاطلاع عليها حرام. وتوزيعها كذلك.
إن العقلاء من الغربيين لا يشترون هذه المفاسد، ولا يتعاونون على نشرها، فما بالك بالمسلمين؟! ومن ثم فما حرم أكله وشربه واستعماله لا يجوز أن نعين على تداوله. ألم تر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-حرم شرب الخمر وبيعها وحملها وتهاديها وغير ذلك من المعاملات؟ فكل ما يعين على الحرام حرام.
وهل يجوز لك أن تؤجر سيارتك لمن يريد أن يستعملها للذهاب للخمارات والحانات وغيرها؟
وهل يجوز بيع السلاح للمجرمين وقطَّاع الطرق؟ الجواب لا، وهل يجوز نشر كتب الفساد والعقائد الباطلة؟ الجواب لا، وعليه فاستعمل سيارتك في الأعمال المباحة وما أكثرها والحمد لله، وإن لم تجد إلا نقل المحرمات فابحث عن شغل حلال، وخذ بنصيحة رسولنا -عليه الصلاة والسلام-فيما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في الطلب، فإن نفساً لن تموت حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها فاتقوا الله؛ وأجملوا في الطلب خذوا ما حل ودعوا ما حرم"* رواه ابن ماجة (2144) ، وانظر (صحيح أحاديث البيوع) ، الصحيحة (2607) .
وقال كذلك: "إنه ليس شيء يقربكم إلى الجنة إلا قد أمرتكم به، وليس شيء يقربكم إلى النار إلا قد نهيتكم عنه، إن روح القدس نفث في روعي: إن نفساً لا تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله، فإن الله لا يُدرَكُ ما عنده إلا بطاعته". (حديث حسن انظر السلسلة الصحيحة رقم (2866) . والله أعلم.