فإن هذا المبلغ يعتبر من باب الرشوة المحرمة وإن سمي عمولة، فإن الأسماء المستعارة لا تغير من الحقيقة شيئًا، ووجه كونه من الرشوة: أنه أعطاك هذا المال لكونك عاملاً في تلك الشركة - المشار إليها- ليستميلك بالشراء من ذلك المحل الراشي، وفي صحيح البخاري (2597) ، ومسلم (1832) , عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ الْأَسْدِ، يُقَالُ لَهُ: ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ. عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا لِي؛ أُهْدِيَ لِي. قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: "مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ، فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي. أَفَلَا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا! وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَنَالُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ، بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةٌ تَيْعِرُ ... " الحديث.

وأيضًا فإن العامل في الشركة إذا قبل هذه الرشوة (أو العمولة أو الهدية!!) ، فإنها ربما تؤثر سلبًا على صدقه ونزاهته في مجال عمله ولو على المدى البعيد، بحيث إنه سيقدم على الشراء من ذلك المحل أو السوق طمعًا في تلك العمولة دون مبالاة بجودة البضاعة، ولا بنقص السعر، فحرم الشارع هذه الهدية أو العمولة سدًّا لهذه الذريعة، وقطعًا لمظنة الوقوع في شراك ذلك المال.

وأيضًا فكيف يستأثر العامل بمال أخذه لا بسببه، وإنما بسبب عمله، وهذا ما يشير إليه قول نبينا صلى الله عليه وسلم: "أفلا قعَد في بيتِ أبيه أو في بيتِ أمِّه حتى ينظُرَ أيُهْدَى إليه أم لا! ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015