إذا دفع الإنسان لأخيه أو قريبه أو رفيقه مبلغاً من المال على سبيل المساعدة؛ فإن الواجب عليه أن يقصد بذلك التقرب إلى الله - عز وجل- طلباً في ثوابه، كما قال تعالى: "إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً" [الإنسان:9] ، وعلى المسلم أن ينوي بأعماله كلها وجه الله تعالى؛ لأن ما عند الناس ينفد وما عند الله باق، ويصدق هذا الأمر ما حصل بينك وبين أخيك، فإن مساعدتك له ذهب نفعها لما حصل الخلاف بينك وبينه، ولكن إذا نوى الإنسان بعمله وجه الله؛ فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً. أما ما سألت عنه فإنه لا يجوز للإنسان أن يرجع في هبته لأخيه، فإذا دفع الإنسان مبلغاً من المال لغيره من الناس على سبيل التبرع والهبة، فإنه لا يجوز له الرجوع بعد أن يقبضها الموهوب له مهما كان السبب الداعي إلى ذلك؛ لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم-: "العائد في هبته، كالعائد في قيئه"، وفي لفظ: "كالكلب يعود في قيئه"، وفي رواية: "ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه" متفق عليه البخاري (2589) ، ومسلم (1622) ، ولقوله - صلى الله عليه وسلم-: "ليس لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها، إلا الوالد فيم يعطي ولده" رواه أصحاب السنن الأربعة الترمذي (1299) ، وأبو داود (3539) ، والنسائي (3690) ، وابن ماجة (2377) ، وإذا كان الإنسان لا يجوز له أن يرجع في هبته لأخيه، فإنه يأثم إن طلب الرجوع؛ لأنه يطلب فعلاً محرماً، ولا يلزم الآخذ (الموهوب له) إعادة ما أخذ، ولا يأثم بذلك، لأن هذا المال أصبح ملكاً خالصاً له لا يشاركه فيه غيره والله الموفق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.