إن المالك الأصلي الذي اقترض من مصرف تابع للدولة ولم يفِ بالسداد فصادرت الدولة العمارة منه، أقول إن تصرف الدولة حينئذ صحيح، ويلزمها أن تدفع له ما سدده من أقساط، إذا كان سدد، كما يلزمها شرعاً أن تدفع له ما زاد عن قيمة العمارة وقت سحبها منه، والمالك الأول الأصلي، ليس له حق أن يؤثم غير من ظلمه وهي الدولة، ثم إن الدولة قد ظلمت مرة أخرى حين أعطت هذه العمارة بعد التأميم لمواطن آخر قبل أن تعطي المالك الأول حقوقه من هذه العمارة، أما حكم تملك المواطن الثاني فصحيح، حيث الذي ملكه العمارة هي الدولة، لأنه مستحق في نظرها باسم التأميم فلا إثم عليه، وإنما الإثم على من ملكه وهي الدولة، ولو كان المملك له غير الدولة لقلت بفساد العقد وعدم صحته أصلاً، ولكن لأن الدولة هي التي عملت ذلك والأصل في تصرفاتها أنها للصالح العام وولي الأمر فيها لا يملك أموالها ملكية خاصة، وإنما له حق التصرف والنظر فيها لما فيه مصلحة الناس لا غير، كل هذا جعل تصرفها مع المالك الثاني للعمارة فيه شبهة لا يفسد منها العقد، وإن كان الإثم على الدولة ممثلة بولي الأمر الآمر بمنح العمارة لهذا المواطن، بعد التأميم، وأخيراً أقول إن شراءك هذه العمارة صحيح، وعدم إذن المالك الأول لا اعتبار له في الشرع، لأنه لم يف بالعقد مع الدولة قبل التأميم، وأخذ العمارة منه جائز وإن كان له مستحقات على الدولة فهي التي ظلمته وليس له طريق عليك بحال، وعليه مطالبتها إن استطاع. أما التأميم فلعل حرمته في الأصل وعدم جوازه وأنه نوع من الغصب وأكل لأموال الناس بالباطل ظاهر بين لكل أحد، فلا يجوز لأحد أن يصادر أموال الناس وممتلكاتهم باسم التأميم أو للمصلحة العامة، وفق الله الجميع إلى كل خير، آمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015