المجيب بكر بخاري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل
التاريخ 10/6/1423هـ
السؤال
إذا كان أحد رواة الحديث عدلاً ضابطاً عند جمهور المحدثين ثم يقوم أحد علماء الجرح والتعديل كالإمام الذهبي -رحمه الله- بتجريح هذا الراوي
جرحاً غير مفسَّر، فهل يقدم في هذه الحالة الجرح على التعديل أم العكس؟
الجواب
بسم الله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن علماء المصطلح عقدوا مباحث في تعارض الجرح والتعديل وكذا علماء الأصول، وتباينت مذاهبهم في ذلك، والذي يحسن بطالب العلم معرفته:
أنه ما من قاعدة إلا ولها مستثنيات، ولا يقدح هذا في كونها قاعدة؛ لأنها قواعد استقرائية، وإنما القواعد التي تنقض بالمستثنيات القواعد العقلية.
وأنه ما من عام إلا وقد خص، وحتى هذه القاعدة قد خصت بقوله -تعالى-:"إن الله بكل شيء عليم" [الأنفال:75] .
والحاجة إلى هذه المقدمة المختصرة ماسة عند التعامل مع قواعد العلماء في الجرح والتعديل؛ لأنها استقراء واستنتاج لتصرفات أئمة هذا الشأن، ولذا يقع التباين بين التقعيد والتطبيق، فيلزم النظر في كل راوٍ نظراً مستقلاً مع استصحاب قواعد أهل العلم، وأما ما يخص ذات السؤال فيظهر منه أنه سؤال افتراضي وهو محتمل لأمرين:
الأمر الأول: كون الموثقين جمهور، أي أنه وجد لهم مخالف، وحينئذ فللناظر أن يرجح ما يراه أقرب إلى الصواب مراعياً القواعد والقرائن في ذلك الراوي.
الأمر الثاني: كون الموثقين جميع من وقف عليهم الباحث بحيث يغلب على ظنه اتفاقهم وخاصة إذا كان منهم أئمة هذا الشأن وحينئذٍ إذا كان جرح من بعدهم مجملاً فله اجتهاده، ولنا أن نتبع من سَلَفَ من الأئمة فإن رأي الجماعة مقدم على رأي الفرد خاصة إذا كانوا أعلم وأقرب لزمن الرواية، والله -تعالى- أعلم.