وثانياً: القنوات الفضائية وشبكات استقبالها آلات وهي بحسب ما تستعمل فيه، فإن استعملت في حلال فهي حلال، وإن كان فيها شيء حرام فهي محرمة، والغالب على القنوات الفضائية استعمالها في المنهيات الشرعية، ففيها مخالفات شرعية كثيرة، وفيها دعوة إلى تلك المخالفات سواء فيما يتعلق بالجانب الأخلاقي أو العقدي أو غيرهما، وإذا كان ذلك كذلك فالدخول فيها والاتجار فيها خطر عظيم ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً" أخرجه مسلم (2674) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، فكل نظرة حرام عن طريق هذه الشاشات لهم من وزرها نصيب، وكل فاحشة ترتبت على التأثر مما يرى في تلك الشاشات لهم من وزرها نصيب، وكل انحراف خلقي أو عقدي بسببها لهم من وزره نصيب "ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون" [النحل:25] ، والعاقل يعرف أن ذلك من أعظم أسباب خفة الميزان يوم القيامة "فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ" [المؤمنون:103] .
ثم إن الكسب من وراء ذلك كسب حرام سحت، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به" أخرجه أحمد (14441) ، والبيهقي (5373-5378) وغيرهما من حديث أبي بكر الصديق، وجابر، وغيرهما -رضي الله عنهم-، فما هو الربح؟ الربح مال حرام يجر آثاماً أمثال الجبال تصب في ميزان المروج لهذه القنوات صباً، وقد ينطبق عليه بفعله هذا أنه ممن قال الله تعالى فيهم: "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ" [النور:19] .