فلا شك أن الربا معصية لله سبحانه وتعالى، وهو كبيرة من كبائر الذنوب. وقد توعد الله فيه بالحرب، قال تعالى:"وأحل الله البيع وحرم الربا ... " الآية [البقرة: 275] ، وقال تعالى:"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين*فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ... " الآية [البقرة: 278-279] ، وقد لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه. وقال: "هم سواء". أخرجه مسلم (1598) من حديث جابر -رضي الله عنه-. إن لعن كاتب الربا وشاهديه وهم لم يأكلوا الربا بعملهم هذا ولم يعطوه هو لما يقدمونه من عون ومساعدة للمرابين، ولهذا قال الإمام النووي رحمه الله: (هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابين، والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل) . (شرح النووي على صحيح مسلم 11/26) . وقد قال الله تعالى:"وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ... " الآية [المائدة: 2] ، كذلك فإن التأمين التجاري محرم عند كثير من العلماء لما فيه من الغرر والقمار. وكما يبدو من السؤال فإن طبيعة عمل السائل تقتضي منه أن يسهل وييسر إتمام القروض الربوية المحرمة وعمليات التأمين التجاري إن لم يكن يباشر ذلك وكالة عن جهة عمله، وهذا لا يجوز لما فيه من الإعانة على المعصية بصورة مباشرة. ولا يكفي في هذه الحال مجرد ضيق الصدر والاستغفار إذ لا يعني ذلك - مع الاستمرار في هذا العمل - توبة منه وإقلاعا عنه. وعليه فإن استطاع السائل أن يناصح أصحاب العمل بترك الاقتراض الربوي والتأمين التجاري والاستعاضة عن ذلك بوجوه التمويل المشروعة فهذا خير، وإن لم يستطع فعليه أن يطلب نقله إلى عمل آخر لا يتضمن المشاركة في أعمال وتصرفات محرمة، وإن كان العمل الآخر أقل راتبا وأدنى في المميزات، فلعل الله أن يعوضه خيراً، وإلا فليجتهد في البحث عن عمل آخر ويترك هذا العمل، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيراً منه، والله أعلم.