هذه مسألة يكثر السؤال عنها في أوروبا، وهي مسألة اختلف العلماء فيها، اختلفوا في الاستئجار لحمل الخمر أو الخنزير مثلاً، فهل له أجرة أو ليست له أجرة؟ وهل تطيب هذه الأجرة له أو لا تطيب له؟ فالصحيح من مذهب الإمام أحمد أن الأجرة لا تطيب له، ولكنهم حكوا القول الثاني عنه أيضاً، أي أن له الأجرة ولكنها تكره، وأطلق الوجهين في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعاتين والحاوي، فعلى القول الثاني وهو أنه يجوز له الاستئجار أو يصح له الاستئجار على حمل الميتة والخنزير والخمر يكره أكل الأجرة ولا يحرم، وعلى هذه الرواية تصح الإجارة، وقد حكي في الإنصاف أن هذا هو الصحيح وعليه الأصحاب، وأطلق كثير من العلماء كصاحب الفائق وغيره روايتين، وأطلق بعضهم في المستوعب وجهين، وفي مذهب الإمام مالك يفرق بين أن يكون قد استأجر نفسه في الخمر ونحوه لمسلم فهذا لا يصح، أو يكون قد استأجره لكافر فإنه يصح على رواية زونان عن مالك، وأنه تطيب له الأجرة، ذكرها المواق في شرحه على خليل، وعلى هذه الرواية تبنى المسألة على مسألة الكافر هل هو مخاطب بالفروع أو ليس مخاطباً بالفروع، وهما وجهان صحيحان في مذهب مالك - رحمه الله تعالى -، وقال أبو حنيفة إنه تجوز له الأجرة على حمل الخمر، فالمسألة فيها أقوال إن شاء الله - تعالى - فنحن نفتيه بالأخف والأسهل، وبالتالي نقول: إن هذا الرجل يجوز له أن يعمل حتى يجد عملاً آخر، ويجوز له أن يأخذ تلك الأجرة لأنه محتاج إليها، وإن شاء الله لا يجد في نفسه حرجاً؛ لأن المسألة فيها خلاف وفيها روايات وذكرها ثقات العلماء - رضي الله عنهم - والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015