الرهن عرفته الجاهلية قبل الإسلام، وجاء الإسلام ونظمه وبيَّن أحكامه، وهو جعل وثيقة مالية بدين، ومعنى هذا هو أن الإنسان يعطي أخاه المحتاج مبلغاً من المال على سبيل القرض الحسن، وحتى يضمن عود المال إليه يأخذ شيئاً مالياً يساوي مبلغ الدين أو يزيد عليه، حتى إذا لم يستطع المدين أن يُرجع الدين لأي سبب كان، فإن الدائن يبيع الرهن ويستوفي حقه، والرهن هذا يبقى على ملك صاحبه، لا يجوز لأحد أن يستفيد منه، سواء المرتهن أو غيره، لكن لو كان الرهن يحتاج إلى علف، أو ما شابهه، فللمرتهن أن يستفيد بقدر ما ينفق، ويملك الراهن - أي الذي أعطى الرهن- التصرف في منافع الرهن على وجه لا ضرر فيه على المرتهن، كسكنى الدار، وركوب الدابة، وزراعة الأرض؛ لأنه لم يدخل في العقد، ولا يضر بالمعقود له، فبقي على ملكه وتصرفه، وله أن يستوفي ذلك بالإجارة والإعارة. أما المرتهن - وهو صاحب الدين الذي أعطى الفلوس- فلا حق له في الانتفاع بالرهن؛ لأن هذا الانتفاع يدخل تحت قول العلماء: (كل قرض جر نفعاً فهو ربا) ، فهو بصريح العبارة أعطاه الدين وشرط عليه أن يعطيه كل شهر مبلغ كذا- الذي هو قيمة أجرة الدار- مقابل الدين، وهذا لا يجوز، بل يمكن لصاحب الدار أن يؤجر داره المرهونة لمن يشاء ويأخذ الأجرة. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.