أما إذا كان البنك لا يتعامل إلا بالربا كحال عامة البنوك في الدول الغربية، والإيداع في مثل هذه البنوك ضرورة لا بد منها فهل تؤخذ هذه الفوائد الربوية أم لا؟ اختلف أهل العلم اليوم في هذا فمنهم من منع ذلك أخذاً بظاهر نصوص القرآن كقوله -تعالى-:"الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المسّ ... " [البقرة:275] ، وقوله:" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين.." [البقرة:278] ، وقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث:"إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.." البخاري (1410) ومسلم (1015) واللفظ له، وقال بعض العلماء بجواز أخذ هذه الفوائد الربوية من تلك البنوك وصرفها في مصارف الخير بنية التخلص منها لا بنية الصدقة لأنها مال خبيث، ولعل هذا القول هو الأرجح عندي -إن شاء الله-؛ لأن هذه الفوائد مع ضخامتها لو تركت عند البنوك الربوية في مثل هذه البلاد الكافرة لتقوى بها اقتصادها، وعاد ضررها على المسلمين، وإذا كان الأمر كذلك على هذا القول فالواجب عليك -أخي السائل- أن تجتهد في صرف هذا المال المسؤول عنه في أولويات أعمال المركز عندكم وأنشطته ما دامت في خدمة الدعوة إلى الله في بلاد الغربة، من دعوة غير المسلمين وتأليف قلوبهم ونشر الكتب والأشرطة التي تشرح العقيدة والأحكام الضرورية، وأنصح المسلمين بألا يأكلوا أو يشربوا مما صرف من هذه الفوائد على الطعام والشراب مما قد يوضع في المركز وهذا من باب قول الله:"فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" [التغابن:16] .
فالله الله في تدبر هذه الآية على وفق جوابي لسؤالك، وفقنا الله وإياك إلى كل خير.