والمسلم مأمور بالعدل والإنصاف، ومنهي عن الظلم حتى مع الكفار، كما قال سبحانه: " وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى"
[المائدة: من الآية8] .
إن الأصل في المحرمات الامتناع عنها مطلقاً، كما هو الحال في الزنا والقمار، فإنهما محرمان تحريماً عاماً لا فرق فيه بين المسلمين وغيرهم، ولو أجزنا الربا مع الكفار في بلادهم للزم إباحة سائر المحرمات في حقهم كالزنا والقمار وهذا باطل بالإجماع.
وأما الأمر الثاني وهو تكليف الكفار بالأحكام العملية كتحريم الربا ونحوه، فإن جمهور العلماء على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وأحكامها العملية، كما هم مخاطبون بأصول الإيمان ولكن لا يصح منهم ذلك إلا بتقديم الإيمان، وأنهم سيحاسبون يوم القيامة على جميع أعمالهم، ويعاقبون عليها، ومنها ترك الأحكام العملية.
ويدل على ذلك قوله تعالى: " ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين" [المدثر: 42-46] فأخبروا أنهم يعذبون على الكفر وعلى ترك الأحكام العملية.
ومثله قوله -تعالى-: " وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ" [فصلت:6-7] . فتوعدهم على ترك الزكاة كما توعدهم على ترك الإيمان بالآخرة.
فالكفار ملزمون شرعاً ومأمورون ديانة بالخضوع لشريعة الإسلام حتى في حال كفرهم، والله أعلم.