فالصورة الأولى تسمى ببيع المرابحة للآمر بالشراء، وتقوم على أساس أن الراغب في شراء سلعة أو عقار ما يبدي رغبته للممول الذي هو البنك أو شخص ثالث - سواء كان فرداً أو شركة أو غير ذلك - في أن يشتري شيئاً معيناً أو محدداً بأوصاف يذكرها، ثم يقوم الممول بشرائه من المالك الأصلي، وبعد حيازته يقوم ببيعه بعقد مستقل على الآمر بالشراء، وهو العميل بثمن مؤجل يناسب قدرته المالية، وحيث إن الثمن دين في ذمة المشتري مؤجل إلى أقساط محددة فإن البائع يقوم برهن هذا العقار وفاء بهذا الدين، وهذه الصورة جائزة بالشكل المذكور، وقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي يبين جواز هذه الصورة.
أما الصورة الثانية فهي: الإجارة المنتهية بالتمليك، وهذه الصورة ظهرت نتيجة تطوير الصورة السابقة، وذلك لأن الممول الذي اشترى العقار أو السلعة يريد أن يضمن حقه أكثر فيجعل العقار باسمه ويؤجره على العميل الذي أمره بالشراء بأقساط سنوية تكون مرتفعة حتى تناسب القسط، وعند انتهاء الأقساط يقوم البائع وهو المؤجر بتمليك العقار للمستأجر وهو المشتري.
وهذه الصورة حصل خلاف في جوازها بين الفقهاء المعاصرين ويرى الكثير منهم عدم صحتها شرعاً، لأنها لا تتفق مع المقاصد الشرعية للمعاملات، فهي تحتوي على ظلم المستأجر، ذلك أن المستأجر لو لم يستطع سداد بعض الأقساط لترتب على ذلك ضياع حقه، وفي ذلك ظلم عليه، والذي يظهر لي أن هذه الصورة لا تختلف في حقيقة الأمر عن الصورة السابقة، فهي بيع مرابحة، وتنطبق عليها أحكامه وشروطه، وإن سميت بالإجارة المنتهية بالتمليك، إذ العبرة في العقود بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ والمباني كما هي القاعدة الشرعية، وعلى ذلك فإن التعامل بينهما يخضع لأحكام عقد البيع، وتكون العلاقة بينهما علاقة بيع مع رهن السلعة كما هو الشأن في الصورة الأولى.