وقال القرطبي: "قال القتبي: ويجوز أن تكون هذه العين من البحر" [الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (ج11ص49) ] .
وبمثله قال أبو حيان والنحاس, ومقتضى كلامهم أن تلك العيون من لوازم المحيطات وأنها متصلة، وفي كل محيط عين حامية حمئة مما يتفق مع وجود فوهات تدفع بحمم الصخور النارية الداكنة خاصة في المحيط الغربي أو الأطلسي, وعلى هذا الوجه يكون في التعبير إيجاز حذف اكتفاء بشهرة معلوم، وهو مشهد غروب الشمس بالمحيط، وعبر عن المحيط بلازمه الذي لم تشاهده عين وهو شقوق قاعه, ولا يأبى السياق التقدير (وجدها تغرب في مرأى العين في محيط ذي عين حمئة) ؛ أي يطفح قاعه بمواد صخرية نارية سوداء من عيون متصلة بطول المحيط, واحتمل الألوسي كلا الوجهين بقوله: "المراد بالعين الحمئة إما عين في البحر أو البحر نفسه، وتسميته عينا مما لا بأس به" [روح المعاني للألوسي (ج16ص32) ] .
والمعنى أن البحر المحيط نفسه أو شق في قاعه يدفع على الدوام بمواد ملتهبة قاتمة وهو ما يتفق مع الواقع بالفعل, وخص القرآن للمحيط الغربي أو الأطلسي بالبيان يتفق مع كونه المحيط المتميز بالصدع الأصلي والأعظم عندما كانت القارات كلها متصلة في قارة واحدة, وعلى هذا الوجه يتضمن النص الكريم إخباراً بغيب لا يعلمه بشر زمن الوحي يصف خفايا أعمق مما شاهده ذا القرنين، وما يشاهده جميع الناس على سواحل المحيطات عند الغروب, والله تعالى أعلم.