الواقع أن جرم الشمس أكبر كتلة وحجما من كواكبها وأقمارها مجتمعة، حيث يحوي وحده ما يقدر فلكيا بنسبة (99.86%) من كتلة النظام الشمسي, وتبلغ كتلتها (1.99) × (10 أس 30) كجم [وللاختصار يصطلح رياضيا بالأس لتضاعيف الأعداد, والقيمة (10 أس 3) تعني 1 أمامه 3 أصفار (1000) وكذلك القيمة (10 أس 30) تعني 1 أمامه 30 صفراً] ،
أي (333.1325) ألف مرة قدر كتلة الأرض التي تبلغ (5.9736) × (10 أس 24) كجم, ويبلغ متوسط نصف قطر الشمس حوالي (696) ألف كم، بينما يبلغ نصف قطر الأرض (6371.3) كم, ونظراً لضخامة الشمس يمكن أن تستوعب حوالي (1.3) مرة قدر حجم كوكب الأرض, ومع أن قرص الشمس يبدو كالقمر حجما قطع القرآن بأنه حقيقة أكبر على لسان نبي الله إبراهيم (عليه السلام) محاججا قومه في قوله تعالى: "فَلَماّ رَأَى الشّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هََذَا رَبّي هََذَآ أَكْبَرُ فَلَمّآ أَفَلَتْ قَالَ يَقَوْمِ إِنّي بَرِيَءٌ مّمّا تُشْرِكُونَ" [الأنعام:78] ، ولا يتوهم إذن أن القرآن يقرر أن جرم الشمس صغير حتى تهبط حقيقة في بحر من بحار الأرض؛ لأن التعبير (وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) قائم على النسبة لسكان الأرض كما ترى العين، نحو قوله تعالى: "قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنّ اللهَ يَأْتِي بِالشّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ" [البقرة:258] ، وعلى هذا اتفق الجمع الغفير من المفسرين سلفا وخلفا؛ قال ابن الجوزي: "ربما توهم متوهم أن هذه الشمس على عظم قدرها تغوص بذاتها في عين ماء وليس كذلك.. وإنما وجدها تغرب.. كما يرى راكب البحر الذي لا يرى طرفه أن الشمس تغيب في الماء، وذلك لأن ذا القرنين انتهى إلى آخر البنيان" [زاد المسير لعبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي المتوفى سنة (597 هـ) , المكتب الإسلامي بيروت (1404 ط3) , (ج5ص186) ] .