ومع هذا كله، ومع خطأ أبي بكر الصِّبغي في تقريره لهذه المسائل، وأنها نسيانٌ من ابن مسعود -رضي الله عنه- إلا أنه يصح أن يُحْتَجَّ بها على من خالف الثابت عن العدد الوفير من الصحابة -رضي الله عنهم- في رفع اليدين قبل الركوع وبعده؛ بأن ابن مسعود -رضي الله عنه- لم يكن يفعله، أو لم يكن يعلم به. وذلك بأن يقال له: أنت تخالف الظاهر من تلك الروايات الثلاث عن ابن مسعود في الركوع والسجود والقراءة، وأوجدت لذلك التخريجات والتأويلات الصحيحة، فلماذا لا تفعل ذلك مع رواية ابن مسعود -رضي الله عنه- في مسألة رفع اليدين؟!
وثبوتُ خلافها للراجح لائح واضح.
وهذا هو ما فعله الإمام الشافعي في الأمّ (7/184-189) ، حيث ذكر مسائل عديدة، منها مسألة تطبيق الركوع، ووضع المرافق في السجود، مما يقول به ابن مسعود -رضي الله عنه- وخالفه الحنفيّة. ليذكَّرهم أن مخالفة ابن مسعود -رضي الله عنه- إذا جاء الدليل بخلاف قوله، أو الرواية أقوى مما رُوي عنه، ليس أمراً جديداً على الفقه، ولا على فقههم هم أنفسهم، فلا ينبغي أن تكون مخالفته مجرّدةً دليلاً على مجانبة الصواب.
هذا والله أعلم. والحمد لله على أفضاله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله.