هذا هو قول هذا الإمام، وهو قول غير مرضي، وبيان ذلك كالآتي:
1- أما تطبيق ابن مسعود -رضي الله عنه- في الركوع، وهو أن يشبك بين أصابع كفّيه، ويضعهما بين فخذيه، وأنه لم يكن يأخذ بركبته، وهو ثابت من فعله وحثه عليه، كما في صحيح مسلم (534) . فهو محمول على أنه كان يرى جواز التطبيق، وجواز الأخذ بالركب، لا على النسيان، إذ كيف ينسى هيئة الصلاة وسبع عشرة ركعة يصليها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومع أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-.
أما ما جاء من حثِّه على هذا الفعل، فلا يقطع بأنه كان لا يُجَوِّزُ الأخذ بالركب، ولكنه خشيّ -حسب اجتهاده في المسألة- أن يُظنَّ عدمُ جواز التطبيق، ورأى كثرة الآخذين بالركب وغلبتهم، فرأى أن يحث على التطبيق، ليتقرّر جوازه عند الناس.
ولولا أن هذا الاجتهاد كان سائغاً في زمن الصحابة، وإن كان عندهم مرجوحاً لما سكتوا عنه، ولألزموه الحجّة بعدم صحّة فعله هذا.
2- وأمّا وضع المرافق في السجود، فهو ثابت أيضاً عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2670، 2676) ، بإسنادين صحيحين عنه، أنه قال: "هُيّئت عظامُ بني آدم للسجود، فاسجدوا حتى بالمرافق"، وأحد الإسنادين اقتصر على العبارة الأخيرة.
وهذا القول ليس شاذاً غريباً، ولابن مسعود -رضي الله عنه- من يوافقه من السلف، كما تراه في المصنّف لابن أبي شيبة (2/104-106) .
وإذا حمل قول ابن مسعود هذا على الجواز عند الإعياء والتعب من طول السجود، فهو قول وجيه لأهل العلم.
3- وأمّا أن ابن مسعود -رضي الله عنه- كان يقرأ سورة الليل: "والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى" دون أن يقرأ "وما خلق الذكر والأنثى" فهو أيضاً ثابتُ عنه في صحيح البخاري (3742، 3743، 3761، 4943، 4944، 6278) ، وفي صحيح مسلم (824) .