الأصل في معاملة الكافر فرداً كان أو دولة جائز شرعاً ما لم يكن العمل محرماً بعينه، كصنع المحرمات وتسويقها كالخمور، ولحم الخنزير، أما ما لم يحرم بعينه كالصناعات الحربية والمدنية التي يمكن أن توجه لضرب المسلمين، ويمكن ألا توجه لذلك فالعمل فيها حينئذ جائز كصناعة الكيابل للجيش كما في السؤال، وما دام لا يعرف هل سيستخدمها الجيش الكافر ضد المسلمين أو لا فالعمل في هذه الصناعة جائز شرعاً؛ لأن الأصل في الأشياء الحل حتى يرد المانع الشرعي، فمعاملة الكافر في أمور المعاش جائزة شرعاًً، كما تعامل النبي - صلى الله عليه وسلم- في البيوع والإجارة مع اليهود، والمشركين، مع أنه يعلم أنهم يأكلون الربا ويشربون الخمر، ويستحلون لحم الخنزير، ومات - صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند يهودي، واستعار من صفوان بن أمية - رضي الله عنه- وهو مشرك- درعاً يوم حنين، وكل هذه المعاملات يمكن أن يقال إنها تعد في صالح أعداء الإسلام، وربما تقووا بها على المسلمين، ومع ذلك أبيحت تبعاً للقاعدة الشرعية (الأصل في الأشياء الإباحة) أما دفع الضريبة نقداً فهي ضرورة شرعية والضرورات تبيح المحظورات، وإن استطعت التخلص من هذه الضريبة فلا حرج في ذلك إذا لم يلحقك ضرر بسبب الامتناع عن دفعها فإن لحق ضرر جاز دفعها، وعلى كل حال فالعمل في الجيش الكافر ودفع الضريبة له جائز إن لم تجد عملاً أفضل منه، فإن وجدت عملاً جديدا فخذه ودع هذا، لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" أخرجه أحمد (1723) والترمذي (2518) من حديث الحسن بن علي -رضي الله عنهما- وحديث: "إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه" أخرجه البخاري (52) ، ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه-، وترك الشبهات - كما في السؤال - فعل مستحب وليس بواجب، حيث الفعل ليس من الحلال البين حله، ولا من الحرام البين حرمته. والله أعلم.