ويوضح القرافي بجلاء الفرق بين الموالاة والتودد الممنوع وبين البر والإحسان والعدل المشروع فيقول: (واعلم أن الله تعالى منع من التودد لأهل الذمة بقوله:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ" [الممتحنة:1] ، فمنع الموالاة والتودد، وقال في الآية الأخرى:"لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ ... " [الممتحنة:8] ، فلا بد من الجمع بين هذه النصوص، وأن الإحسان لأهل الذمة مطلوب، وأن التودد والموالاة منهي عنهما، وسر الفرق أن عقد الذمة يوجب حقوقاً علينا لهم؛ لأنهم في جوارنا، وفي خفارتنا، وذمة الله -تعالى- وذمة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ودين الإسلام، فمن اعتدى عليهم ولو بكلمة سوء أو غيبة في عرض أحدهم أو نوع من أنواع الأذية أو أعان على ذلك فقد ضيع ذمة الله -تعالى- وذمة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وذمة دين الإسلام.