وهذا يدل على جواز قبول هدية الكافر إن لم تكن عينها محرمة، وقبول الهدية منهم لم يخص بعيد ولا غيره، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مسألة قبول الهدية منهم يوم عيدهم ونقل أثراً عن علي رضي الله عنه، أنه أتي بهدية في النيروز فقبلها، ونقل عن ابن أبي شيبة في المصنف (24361) بسنده أن امرأة سألت عائشة - رضي الله عنها - قالت: إن لنا أطياراً من المجوس وإنه يكون لهم العيد فيهدون لنا، فقالت: أما ما ذبح لذلك اليوم فلا تأكلوا، ولكن كلوا من أشجارهم، وقال: حدثنا وكيع عن الحسن بن حكيم عن أمه عن أبي برزة - رضي الله عنه - أنه كان له سكان مجوس، فكانوا يهدون له في النيروز والمهرجان فكان يقول لأهله: ما كان من فاكهة فكلوه، وما كان من غير ذلك فردوه. في المصنف لابن أبي شيبة برقم (24362) ، قال ابن تيمية بعد هذا: (فهذا كله يدل على أنه لا تأثير للعيد في المنع من قبول هديتهم، بل حكمها في العيد وغيره سواء، لأنه ليس في ذلك إعانة لهم على شعائر كفرهم، لكن قبول هدية الكفار من أهل الحرب وأهل الذمة مستقلة بنفسها فيها خلاف وتفصيل ليس هذا موضعه، وإنما يجوز أن يؤكل من طعام أهل الكتاب في عيدهم بابتياع أو هدية أو غير ذلك مما لم يذبحوه للعيد، فأما ذبائح المجوس فالحكم فيها معلوم فإنها حرام عند العامة) انظر اقتضاء الصراط المستقيم / لابن تيمية / ج2/ 552 - 553.
ويقول الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في مجموع فتاواه في العقيدة / جمع ناصر السليمان/ 3/33: (واختلف العلماء فيما إذا أهدى إليك أحد من غير المسلمين هدية بمناسبة أعيادهم هل يجوز لك قبولها أو لا يجوز"؟ فمن العلماء من قال: لا يجوز أن يقبل هديتهم في أعيادهم، لأن ذلك عنوان الرضا بها، ومنهم من يقول: لا بأس به، وعلى كل حال: إذا لم يكن في ذلك محظور شرعي وهو أن يعتقد المهدي إليك أنك راض بما هم عليه فإنه لا بأس بالقبول وإلا فعدم القبول أولى) أ. هـ. بتصرف.
وأما إهداؤك أنت لهم فهذا جائز لا على سبيل الاحتفاء والرضا بأعيادهم، وعليك أن تحرص أن يكون ذلك من باب قصد تألفهم، وإنقاذهم مما هم عليه بدعوتهم إلى الإسلام، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.