ثم ذكر الإمام النووي السبب الذي نالوا لأجله أجر الشهادة، فقال: "وإنما كانت هذه الموتات شهادة بتفضل الله -تعالى- بسبب شدتها، وكثرة ألمها" أ. هـ.
ولا شك أن المرأة عند الولادة تعاني من الشدة والألم مالا يعلم به إلا الله تعالى، ولهذا ضاعف المولى -عز وجل- حقها في البر على الأب، وجعل لها من الحقوق ما هو معلوم. وأحياناً يبلغ الألم مداه، وتتعسر الولادة، مما يكون سبباً في نهاية حياتها، فوعدها الله عز وجل- بأجر من جنس أجر الشهداء تطييباً لقلبها، ومكافأة لها على صبرها واحتسابها، هذا إذا كان حملها من نكاح، كما هو الأصل.
أما إذا كان من سفاح -كما هو محل السؤال- فالأظهر -والله تعالى أعلم- أنه لا يشملها هذا الفضل، فكما فرَّق الشارع بين من قاتل رياء وسمعة، وبين من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فالأول قتاله في سبيل الدنيا، والثاني قتاله في سبيل الله، وكما فرق بعض أهل العلم -كما في مغني المحتاج للشربيني (1/350) - بين الغريق العاصي بركوبه البحر، وبين الغريق غير العاصي، فكذا يفرَّق هنا بين الحامل من نكاح وبين الحامل من سفاح؛ لأن الأولى مطيعة بحملها، والثانية عاصية به، فلا يستويان، كما لا يستوي الأعمى والبصير، ولا الظلمات ولا النور، والله تعالى أعلم.