فقوله: حال قيام القتال. قيد مهم يبين أنه إنما تحرم الصلاة على الشهيد، في مذهبهم، إذا قُتل المسلم في معركة ومات في مكان المعركة حال قيام القتال بين المسلمين والكفار، وما عدا ذلك فلا تحرم الصلاة عليه إنما تباح أو تستحب أو تجب.

وكذا ابن قدامة في المغني 2/ 205، قال: والشهيد إذا مات في موضعه, لم يغسَّل, ولم يُصلَّ عليه - يعني إذا مات في المعترك- فالصحيح أنه لا يصلى عليه. وهو قول مالك, والشافعي, وإسحاق. وعن أحمد رواية أخرى, أنه يصلى عليه. اختارها الخلال. وهو قول الثوري, وأبي حنيفة. إلا أن كلام أحمد في هذه الرواية يشير إلى أن الصلاة عليه مستحبة , غير واجبة. قال في موضع: إن صُلي عليه فلا بأس به. وفي موضع آخر, قال: يصلى، وأهل الحجاز لا يصلون عليه, وما تضره الصلاة, لا بأس به. وصرح بذلك في رواية المروذي, فقال: الصلاة عليه أجود, وإن لم يصلوا عليه أجزأ. فكأن الروايتين في استحباب الصلاة, لا في وجوبها, إحداهما يستحب; لما روى عقبة, أن النبي صلى الله عليه وسلم- خرج يومًا, فصلى على أهل أحد صلاته على الميت, ثم انصرف إلى المنبر. أخرجه البخاري (1344) ومسلم (2296) ... ولنا, ما روى جابر، رضي الله عنه, أن النبي صلى الله عليه وسلم- أمر بدفن شهداء أحد في دمائهم, ولم يغسلهم, ولم يصلِّ عليهم. أخرجه البخاري (1343) ومسلم (1036) .. وحديث عقبة مخصوص بشهداء أحد, فإنه صلى عليهم في القبور بعد ثماني سنين.. ونحن نحمله على الدعاء. انتهى.

وينظر أيضًا كتاب (نيل الأوطار للشوكاني ج4/ص 53) ففيه بحث موسع حول هذه المسألة.

والله أعلم. وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015