أما شهيد المعركة فالصحيح أنه يدفن في ثيابه فلا يغسّل ولا يكفن ولا يصلى عليه، وإنما تصلي عليهم ملائكة الرحمة، ويلقى الله بدمائه، وهي أطيب عند الله من ريح المسك، ففي حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- عند البخاري (1343) وغيره: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أمر بدفن شهداء أُحد في دمائهم، ولم يغسلهم، ولم يصل عليهم"، وفي حديث عبد الله بن ثعلبة - رضي الله عنه -، عند أحمد (22547) والنسائي (2002) ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "زمِّلوهم بدمائهم؛ فإنه ليس كَلْمٌ يُكْلَمُ في سبيل الله إلا يأتي يوم القيامة يدمي (يسيل) لونه لون الدم وريحه ريح المسك".
وبمناسبة استشهاد الشيخ أحمد ياسين - رحمه الله - زعيم وقائد المقاومة الإسلامية في فلسطين على أيدي إخوان القردة والخنازير، وبمباركة وتأييد من دولة الكفر والاستكبار العالمي، (نسأل الله أن يتقبله وإخوانه الشهداء في الصالحين، وأن يخلف على المسلمين خيراً) .
نقول: إن هذا الرجل المسن المصاب بالشلل في بدنه استطاع بروحه وقلبه وإيمانه أن يؤسس ويرعى (منظمة حماس الفلسطينية) التي دوخت - ولا تزال - دولة إسرائيل وأعوانها مع ضعف العدد والعدة للمسلمين هناك.
إن المسلم الواعي لمخطط عدوه والمتمسك بدينه والواثق بنصر ربه لا تؤثر عليه المصائب لو عظمت، ولا النوازل مهما كبرت، فهو يستلهم التاريخ ويقرؤه على ضوء واقعه ومستجداته؛ فها هي حادثة الإفك في المدينة النبوية عصفت بالمسلمين وبيت النبوة أو كادت، يقول الله عنها: "إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ" [النور:11] .