-ألا يتعلق الجهاد بترك ما هو أوجب منه من بر الوالدين، أو صلة أرحام، أو العناية بالزوجة المريضة، أو لمن عليه دين إذا كان الجهاد مستحباً إلا بإذن الدائن، أو نحو ذلك، وقد أذن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعثمان بالتخلف عن بدر لتمريض زوجته، بل وقال للمجاهد التارك والديه: "ففيهما فجاهد" البخاري (5972) ومسلم (2549) ، كما يعذر العلماء والدعاة والكتاب المؤثرون وطلبة العلم لا سيما إذا كان الجهاد مستحباً، أو وجد من يكفيهم حتى لا تخلو أماكنهم، وقد قال -سبحانه وتعالى-: "وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا راجعوا إليهم لعلهم يحذرون" [التوبة:122] ، ومع أهمية الجهاد إلا أن العلم والدعوة والتأثير هي من الجهاد، كما قال -سبحانه-: "فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيراً" [الفرقان:52] ، فتقدر المصالح بقدرها ويوازن بينها، وفي حالات كثيرة يخرج من يقتدى به للجهاد، ويكون عليه واجب ولو كان مستحباً في حق غيره.

-أن تقوم راية الجهاد يدعو إليها الإمام (ولي أمر المسلمين) ، وفي حالة عدم وجوده فيرجع إلى العلماء أهل الحل والعقد، أو مجالس الإفتاء، ونحوهم ممن يقدّر مصلحة الإسلام لقوله -تعالى-: "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم" [النساء:83] ، ولا يجوز التقدم بالقتال دون ذلك، فربما تكون المفسدة أعظم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015