فنقول: كما نبهنا في البداية عليها أن تجتهد في إصلاح نفسها، والصلاة فيها شغل في ذاتها، فليس فيها فراغ، ليس فيها أوقات يكون الإنسان فيها معذوراً أن يعمل ما شاء، فإن الإنسان من حين أن يكبَّر تكبيرة الإحرام فإنه مشتغل بأذكار وأعمال حتى ينتهي من صلاته بالسلام، والنبي – صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن في الصلاة لشغلاً" رواه البخاري (1216) ، ومسلم (538) من حديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- يعني: أن الصلاة جوهرها كله مشغل للإنسان، فهي تشتمل على تكبير وتلاوة، وركوع ودعاء، واستغفار، وغير ذلك، فليس فيه مجال للإنسان أن يفسح لنفسه أن يذهب يميناً وشمالاً ويسرح في أفكاره وغيرها، وإنما عليه أن يتأمل ما يقرأ، ويتأمل حال ركوعه وحال سجوده، وما يقول فيهما، وحال قراءته وفي تشهده، كل ذلك يكون مشتملاً لما يتلو، وهذا الشغل مدعاة أن ينصرف عن الخواطر التي تخطر له وتؤذيه في الصلاة، والنبي – صلى الله عليه وسلم- أخبر: "أن الرجل لينصرف، أي من الصلاة – وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها" رواه أبو داود (796) من حديث عمار بن ياسر – رضي الله عنهما -، ويكتب لك من صلاتك بقدر ما فيها من الخشوع، ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت، وإن أجزأت عن الفريضة، لكن من حيث ترتب الثواب عليها لا يحصل الإنسان إلا قدر الوقت الذي كان فيها خاشعاً، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "لا تجزئ صلاةٌ لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود" رواه الترمذي (265) والنسائي (1027) ، وأبو داود (855) وابن ماجة (870) ، من حديث أبي مسعود البدري – رضي الله عنه – وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – "من صلى الصلاة لوقتها، وأسبغ لها وضوءها، وأتم لها قيامها وخشوعها وركوعها وسجودها خرجت وهي بيضاء مسفرةٌ، تقول: حفظك الله كما حفظتني، ومن صلى الصلاة لغير وقتها فلم يسبغ لها وضوءها، ولم يتم لها خشوعها ولا ركوعها ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015