وقد وردت النصوص الكثيرة في الكتاب والسنة في الحث على الاجتماع والائتلاف والتحذير من الفرقة والاختلاف، فمن ذلك قول الله عز وجل: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" [آل عمران: 103] ، وقوله تعالى: "ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات" [ال عمران: 105] ، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويسخط لكم ثلاثاً؛ يرضي لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم".

ومما تقدم يتضح لكم أن الواجب هو اجتماع أهل المدينة أو القرية على جمعة واحدة، كما يجتمعون في صلاة عيد واحدة حيث أمكن ذلك دون مشقة؛ للأدلة المتقدمة والأسباب السالفة والمصلحة الكبرى في الاجتماع.

وأما إن دعت الحاجة الشديدة إلى إقامة جمعتين أو أكثر في البلد أو الحارة الكبيرة فلا بأس بذلك في أصح قولي العلماء..أ. هـ.

وما دام الأمر على نحو ما ذكر في السؤال من تقارب القرية، وأن المسجد الأول كافٍ دون وجود مشقة على المصلين فلا تجوز إقامة جمعة ثانية في القرية، وعلى الشخص الآخر الذي أقام جمعة ثانية أن يعود مع إخوانه ويقيم الجمعة معهم، ولا يُعد حرصه على وصول الأجر لأخيه مسوغاً لإقامة جمعة ثانية؛ لأن مصلحة اجتماع المسلمين أعظم من مصلحة وصول الثواب إلى أخيه، ويمكنه أن يوصل إلى أخيه ما شاء من أعمال البر المشروعة كالدعاء له والصدقة عنه، دون الحاجة إلى تفريق المسلمين وحرمانهم من المنافع العظيمة المتقدمة الحاصلة بالاجتماع للصلاة، أسأل الله -تعالى- أن يرزق عباده الفقه في الدين، وأن يجمع كلمتهم على الحق والهدى إنه سميع مجيب، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015