فلا أستطيع الحكم على هذا الإمام بأنه يطيل الصلاة حتى أعلم قدر قراءته، وقد يكون تطويله قريبًا من التخفيف المأمور به، وتقدير الناس في أمر الإطالة يتفاوت، والحجة في ذلك هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم، وهديه، والرد إليه عند النزاع في هذا، وقد صح عنه: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّف؛ ْ فَإِنَّ فِي النَّاسِ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ". أخرجه البخاري (703) ومسلم (467) ، وليس من التخفيف المشروع نقر الصلاة وعدم الطمأنينة في أركانها، فهذا إخلال وليس بتخفيف، وإنما التخفيف ألا يطيل على المأمومين إطالة تشق عليهم، وقد كان معاذ، رضي الله عنه، يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- العشاء، ثم يرجع إلى قومه بأقصى المدينة فيصلي بهم العشاء، فكان يطيل الصلاة، وكانوا أصحاب زرع ونواضح، يسقون بها الزرع والنخل، فشكوا أمرهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ! ". وأمره أن يقرأ بـ "سبح اسم ربك الأعلى"، "والشمس وضحاها"، وما قاربها من السور. انظر صحيح البخاري (705) وصحيح مسلم (465) . وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بقصار المفصل، وفي العشاء بأوسطها، وفي الفجر بطوال المفصل. أخرجه أحمد (7991) والنسائي (982) . وربما قرأ في المغرب أحيانًا بالطور- أخرجه البخاري (765) ومسلم (463) - والمرسلات. أخرجه البخاري (763) ومسلم (462) . والمقصود أن الإنسان إذا صلى لنفسه فله أن يطيل ما شاء، وإذا صلى بالناس فليخفف؛ حتى لا يرهق الضعيف، ولا يعطل الناس عن حوائجهم فيفتنهم، والأولى به أن يحمله حب السنة أن يعين الناس على أداء الصلاة جماعةً، وأن يحببها إليهم بالتخفيف الذي لا يكون معه إخلال. والله أعلم.