والدليل على هذا الترتيب الحديث الذي رواه مسلم عن أبي مسعود البدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواءً، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواءً، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواءً، فأقدمهم سنَّا" (سبق تخريجه) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (فقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفضيلة بالعلم بالكتاب والسنة، فإن استووا في العلم، قدم بالسبق إلى العمل الصالح، وقدم السابق باختياره إلى العمل الصالح (وهو المهاجر) على من سبق بخلق الله وهو كبر السن) انتهى.
هناك اعتبارات يقدم أصحابها في الإمامة على من حضر، ولو كان أفضل منه، وهي:
أولاً: إمام المسجد الراتب، إذا كان أهلاً للإمامة لم يجز أن يتقدم عليه غيره، ولو كان أفضل منه، إلا بإذنه.
ثانياً: صاحب البيت، إذا كان يصلح للإمامة لم يجز أن يتقدم عليه أحد في الإمامة، إلا بإذنه.
ثالثاً: السلطان، وهو: الإمام الأعظم أو نائبه، فلا يتقدم عليه أحد في الإمامة، إلا بإذنه، إذا كان يصلح للإمامة.
والدليل على تقديم أصحاب هذه الاعتبارات على غيرهم: ما رواه أبو داود (582) من قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا يؤم الرجل في بيته ولا في سلطانه ... إلا بإذنه"، وفي صحيح مسلم (673) : "لا يؤمن الرجل الرجل في أهله ولا في سلطانه ... إلا بإذنه".
وسلطانه: محل ولايته أو ما يملكه.
قال الخطابي: (معناه: أن صاحب المنزل أولى بالإمامة في بيته إذا كان من القراءة أو العلم بمحل يمكنه أن يقيم الصلاة) ، وإذا كان إمام المسجد قد ولاه السلطان أو نائبه أو اتفق على تقديمه أهل المسجد، فهو أحق؛ لأنها ولاية خاصة، ولأن التقدم عليه يسيء الظن به، وينفر عنه.