فالحديث يدل على مشروعية رفع اليدين في حال افتتاح الصلاة، وإذا كبَّر للركوع وعند الرفع من الركوع، فهذه ثلاثة مواطن، وهناك موطن رابع وهو الرفع إذا قام من الركعتين بعد التشهد، ففي صحيح البخاري (739) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كَانَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَال: َ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَفَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ.
فهذه المواطن الأربعة ثبت فيها رفع اليدين في الصلاة، وأما ما عداها فلم يثبت فيها رفع اليدين، ولحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- شواهد كثيرة ذكر البخاري في جزء رفع اليدين أنه رواه سبعة عشر رجلاً من الصحابة، وذكر الحافظ العراقي أنه تتبع من رواه فبلغوا خمسين رجلاً.
ورفع اليدين في هذه المواطن من الأمور المستحبة المندوب إليها، وليست من الأمور الواجبة، قال الإمام النووي: "أجمعت الأمة على استحباب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، واختلفوا فيما سواها، فقال الشافعي وأحمد وجمهور العلماء من الصحابة -رضي الله عنهم- فمن بعدهم: يستحب رفعهما أيضا عند الركوع وعند الرفع منه، وهو رواية عن مالك، وللشافعي قول أنه يستحب رفعهما في موضع آخر رابع، وهو إذا قام من التشهد الأول وهذا القول هو الصواب، فقد صحَّ فيه حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يفعله رواه البخاري، وصحَّ أيضاً من حديث أبي حميد الساعدي، رواه أبو داود والترمذي بأسانيد صحيحة.
وقال أبو حنيفة وأصحابه وجماعة من أهل الكوفة: لا يستحب في غير تكبيرة الإحرام، وهو أشهر الروايات عن مالك وأجمعوا على أنه لا يجب شيء من الرفع ... " شرح النووي على مسلم (4/95) .