إذا كانت الصلاة مما لا تجمع مع ما بعدها، وهي: الفجر والعصر والعشاء، فإنه لا يجوز تأخيرها عن وقتها مطلقاً، ما دام معه عقله، (بخلاف النائم والمغمى عليه) ، فلا يجوز للمريض ولا للمسافر ولا للمشغول بعملٍ ما -سواء كان عملاً أمنياً أو طبياً- أن يؤخر هذه الصلوات الثلاث عن وقتها (الفجر والعصر والعشاء) ، بل يصليها على حسب حاله، قائماً، فإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فعلى جنب.
والحارس إذا خشي خروج وقت الصلاة ومنع من أدائها على هيئتها الكاملة وجب عليه أن يصليها حسب استطاعته ولو بالإيماء، وذلك مراعاة لحرمة الوقت.
ولذلك شرع الله صلاة الخوف على هيئتها المعروفة التي فيها إخلال ببعض شروطها وأركانها الواجبة، ولم يرخص أن يصليها المسلمون بعد زوال الخوف ليقيموها على هيئتها التامة.
ومن كان مسافراً في طائرة أو قطار، ثم حضر وقت صلاة الفجر أو العصر أو العشاء، وخشي أن يخرج وقتها لو أخر أداءها إلى وقت الوصول، فإنه يجب عليه أن يصليها في وقتها حسب استطاعته، في كرسيه، ويؤمئ للركوع والسجود، ويسقط عنه شرط استقبال القبلة، بل يصلي حيثما توجّهتْ راحلته (طائرة كانت أو قطاراً) .
وهذا بخلاف صلاة الظهر والمغرب؛ لأنه يرخص للمسافر أن يؤخرهما فيجمعها مع ما بعدهما، فيصلي الظهر مع العصر جمع تأخير، وكذا المغرب مع العشاء.
وما أكثر الذين يخطئون في هذه المسألة، فيظنون أن تعذّر أداء الصلاة على هيئتها الشرعية التامة يبيح لهم تأخيرها عن وقتها، وإنما أُتوا من جهلهم بكون الوقت آكد فرائض الصلاة، كما قرَّر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية.
فمن مراعاة الشرع لفريضة الوقت أسقط عن المصلي وجوب تحصيل الشروط الأخرى للصلاة (كستر العورة وإزالة النجاسة) إذا كان لا يحصلها إلا بعد خروج الوقت.
قال ابن تيمية: "ومن ظن أن الصلاة بعد خروج الوقت بالماء خير من الصلاة في الوقت بالتيمم فهو ضال جاهل" اهـ. (مجموع الفتاوى 22/35) .