ويتضح من سنة النبي عليه الصلاة والسلام أن المقصود من الانتظار هو تمكين المسلمين من ترك أعمالهم وقضاء حوائجهم، ومن ثم حضورهم إلى المسجد، ولذلك فإن المندوب تأخير الصلاة قليلاً عند تأخر المصلين في الحضور إلى المسجد، وتقديمها عند حضورهم إلى المسجد، ويدل على هذا ما رواه البخاري (565) من حديث الحسن بن علي - رضي الله عنهما- أنه سأل جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما- عن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: "....والعشاء: إذا كثر الناس عجَّل، وإذا قلوا أخّر"، ونظراً لكثرة المساجد اليوم، وعدم اختصاصها بمن هو ساكن حولها، فإن الأفضل أن يجعل بين الأذان والإقامة وقتاً محدداً يكون معروفاً عند الناس- كما هو معمول به في بلادنا اليوم- بحيث يلتزم به الأئمة والمأمومون، ومع هذا التحديد لا يحصل الخلاف.
ومما تحسن الإشارة إليه أنه ينبغي مراعاة حال الناس عند كل صلاة، فصلاة الفجر يكون الانتظار فيها أطول من غيره، ليتمكن الناس من الاستيقاظ من النوم والاستعداد للصلاة، وهكذا كل صلاة بحسب ما يناسب حال المسلمين فيها، كما ينبغي مراعاة أماكن وجود المساجد، فالمساجد الموجودة في الأسواق أو القريبة منها يكون الانتظار فيهاً قليلاً، لئلا يتضرر أصحاب الأسواق بطول الانتظار، وهذا بخلاف المساجد الموجودة في الأحياء السكنية فلا ضرر عليهم من الانتظار المتعارف عليه. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.