المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
أصول الفقه /مسائل متفرقة في أصول الفقه
التاريخ 16/4/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيراً على هذه الجهود المباركة إن شاء الله تعالى، سؤالي: ما هو الفرق بين الأصولي والمحدث والفقيه؟ وأيهم أعلم بدين الله؟ وبالتالي أحق بالفتوى، مع ذكر آراء كبار العلماء والكتب التي يمكنني العودة إليها للاطلاع أكثر، وبارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا
محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: الفرق بين الأصولي والمحدث والفقيه كالتالي:
أما الأصولي: فهو منسوب إلى علم أصول الفقه، وبه يوصف العالم المتمكن من هذا العلم، وعلم أصول الفقه يُراد به: مجموعة القواعد والبحوث التي يتوصل بها إلى استفادة الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية، أو: القواعد التي يستعملها الفقيه في استنباط الأحكام من أدلتها.
وأما الفقيه: فهو منسوب إلى علم الفقه، وبه يوصف العالم المتمكن من هذا العلم، وعلم الفقه يُراد به: مجموعة الأحكام الشرعية العملية المستفادة من أدلتها التفصيلية.
وأما المحدث: فهو منسوب إلى علم الحديث، وبه يوصف العالم المتمكن من هذا العلم، وعلم الحديث يُراد به: معرفة أقوال الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأفعاله وأحواله من جهة السند والمتن، وما يعرض لكلٍ منهما، وكذلك ما يُلحق بذلك من الآثار الواردة عن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ثانياً: لا يمكن أن نطلق القول بأن أحد هؤلاء أعلم بدين الله من غيره؛ فيكون أحق بالفتوى من غيره؛ لأن أحدهم قد يكون متقناً لفنّه جاهلاً بغيره من العلوم التي لا بد من توفرها فيمن يفتي الناس فيما يحتاجون إليه من أمور دينهم، وبالتالي فإنه قد يفتي بغير علمٍ؛ لأن علوم الشريعة مترابطة ويكمل بعضها بعضاً، ولا يمكن للإنسان أن يحيط بالشريعة إلا إذا كان مطلعاً على علومها المختلفة، وهذا الأمر لا يتحقق فيمن تخصص في علم واحد. ولأجل هذا الأمر ذكر أهل العلم عدداً من الشروط التي يجب توفرها فيمن يفتي الناس ويبين لهم أحكام دينهم، وهذه الشروط على وجه الاختصار:
(1) الإسلام. (2) البلوغ.
(3) العقل. (4) العدالة.
وهذه الأربعة شروط لقبول فتواه والعمل بها، وهي مجمع على اشتراطها لذلك.
(5) الاجتهاد.
وقد ذكر العلماء للمجتهد عدة شروطٍ، منها ما هو محل وفاق، ومنها ما هو محل خلاف، وأهم هذه الشروط إجمالاً:
(1) العلم بآيات الأحكام من القرآن الكريم.
(2) العلم بأحاديث الأحكام من السنة الشريفة.
(3) العلم باللغة العربية.
(4) العلم بأصول الفقه.
(5) العلم بمسائل الإجماع حتى لا يخالفها.
ومن خلال هذه الشروط نلاحظ أن أهل العلم لم يجعلوا منصب الإفتاء مقتصراً على من أحاط بفنٍ من فنون الشريعة - كفن الأصول أو الحديث أو التفسير مثلاً -، وإنما اشترطوا في حق المفتي أن يكون عالماً بجميع العلوم التي لها أثر في معرفة أحكام الشريعة واستنباطها.
ثالثاً: هذه المسألة تطرق إليها أهل العلم وتحدثوا عنها في مواقف عديدة، ونبهوا على خطر هذا المنصب، وحذروا من التصدر للفتيا لمن لم يكن أهلاً لها. ومن أراد الاطلاع على كلام أهل العلم في ذلك، فعليه بالكتب التي تناولت هذه المسألة وما يتعلق بها، ومن أهم هذه الكتب ما يأتي:
(1) صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان.
(2) أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح.
(3) كتاب الفقيه والمتفقه، للخطيب البغدادي.
(4) إعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن القيم.
(5) كتب أصول الفقه، فهي تتطرق لهذه المسألة في كتاب الاجتهاد، وذلك فيما يتعلق بشروط المجتهد، ومن هذه الكتب: كتاب الواضح في أصول الفقه، لابن عقيل؛ حيث أشار إلى هذه المسألة عندما تكلم عن صفة المفتي، ونقل عن الإمام أحمد أنه يرى تقديم صاحب الحديث على صاحب الرأي في الفتيا (1/282) .
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.