قتل النفس خشية الردة

المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

أصول الفقه /السياسة الشرعية

التاريخ 29/06/1425هـ

السؤال

أصدر أحد العلماء فتوى خاصة بالمساجين في إحدى الدول العربية، بأنه يجوز لهم الانتحار بالسم أو غيره؛ خشية الفتنة بالردة عن دين الإسلام، وليس بسبب الألم الناتج عن التعذيب، بحجة أن الردة أشد سوءًا، ما رأيكم في هذه الفتوى؟.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

لا يجوز للمسلم أن يقتل نفسه لا بسم ولا بغيره، ولو خوفاً من الفتنة في الدين والردة عن الإسلام، وقد جعل الله له من هذا عوضاً ومخرجاً يدرأ عنه العذاب والحرج، وهو أن يجيبهم إلى سؤالهم من سب للدين أو سجود لغير الله وغير ذلك، بشرط أن يكون قلبه مطمئناً بالإيمان، وقد جاءت الرخصة في ذلك صريحة في كتاب الله: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان.." [النحل: 106] ، وقد نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر - رضي الله عنهما- إذ أخذه المشركون فعذبوه حتى قاربهم في بعض ما أرادوا، فشكا ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال له: "كيف تجد قلبك؟ فقال: مطمئناً بالإيمان، فقال: إن عادوا فعد" أخرجه البيهقي في الكبرى (8/209) .

فخشية هذا - الذي أراد قتل نفسه- من أن يرتد عن الإسلام بسبب التعذيب هي خشية متوهمة لا وجود لها ما دام أن قلبه مطمئن بالإيمان، والهروب منه هروبٌ من شيء موهومٍ لا وجود له في الواقع.

فإذا كان لا طاقة له باحتمال التعذيب فليجبهم إلى ما يريدون، حتى ولو بكلمة الكفر وسب الدين.

أما قتل النفس خشية أن يقول كلمة بالإكراه فلا يجوز البتة؛ لأنه قد تقرر أن من تلفظ بالكفر مكرهاً بالتعذيب أو مهدداً به فإنه لا يكفر بمجرد ذلك ما دام أن قلبه مطمئن بالإيمان. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015