وأشار أهل العلم إلى أن الإجماع في مسألة الإكراه، قال ابن حجر:" قال ابن بطال تبعاً لابن المنذر: أجمعوا على أن من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل فكفر وقلبه مطمئن بالإيمان ألا يحكم عليه بالكفر، ولا تبين منه زوجته". (فتح الباري 314/12)
ومن مجموع ذلك يمكن القول بأن التقية عند أهل السنة هي إظهار المسلم لبعض الأقوال والفعال الموافقة لأهل الكفر أو الجارية على سبلهم إذا اضطر المسلم إلى ذلك؛ من أجل اجتناب شرهم، مع ثبات القلب على إنكار موافقتهم وبغضها والسعي لدفع الحاجة إليها. (انظر فقه الإيمان والعمل الصالح د. العمري 520) .
ضوابط التقية عند أهل السنة والجماعة:
الأول: ألا تكون التقية طريقاً للانفلات من ربقة التكاليف الشرعية، فلا يجوز الخروج عن حدود الشرع بحجة التقية.
ثانياً: التقية رخصة لا يلجأ إليها إلا في حال الاضطرار، والأخذ بالعزيمة أفضل. قال ابن حجر: (قال ابن بطال: أجمعوا على أن من أكره على الكفر واختار القتل أنه أعظم أجراً عند الله ممن اختار الرخصة، وأما غير الكفر فان أكره على أكل الخنزير وشرب الخمر مثلاً فالفعل أولى) (فتح الباري ج12/ص317) .
ثالثاً: التقية لحال الضرورة تقدر بقدرها، فإذا اضطر المسلم إلى التقية وجب عليه أن يتقي الكفار بأدنى ما يمكن مما هو خروج عن حدود الشرع، وهذا لا يتعدى اللسان في كثير من الأحوال.
رابعاً: وجوب السعي للخروج من حكم الاضطرار أو الإكراه الذي أباح للمسلم التقية.
خامساً: التقية عند أهل السنة غالباً ما تكون مع الكفار وفي حال الإكراه والاضطرار.
ومن الناحية العملية هناك عدة حالات تطبيقية في حياة المسلمين المعاصرة منها:
أ- في حروب المواجهة العسكرية التقية بالكذب عند الحاجة جائز؛ لتحقيق مصلحة المسلمين ودفع الضرر والأذى عنهم دون أن يكون فيه غدر بنقض عهد أو أمان صريح، وهو من أعمال الحروب عامة.