المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
أصول الفقه /التعارض والترجيح
التاريخ 9/2/1425هـ
السؤال
ما أقل الجمع على القول الراجح مع ذكر مثال للتوضيح؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذه المسألة مما وقع فيها الخلاف قديماً وحديثاً، بل إن بعض محققي أهل العلم كالقرافي، لا تزال المسألة عنده محل إشكال، وقال عن نفسه: إن له نحو من عشرين سنة يورده، ولم يتحصل عنده جواب.
والراجح- والله أعلم - أننا ننظر في المراد بالجمع في قولنا: (أقل الجمع) هل المراد به الجمع لغة وهو ضم أمر إلى آخر، أو أن المراد به مدلوله، وهو كل ما يسمى جمعاً، فإن كان المراد الأول فأقل الجمع يصدق على اثنين لحصول الضم بالثاني.
وإن كان المراد به مدلوله - وهو كل ما يسمى جمعاً- فإن صيغ الجموع على قسمين: جموع قلة، وجموع كثرة، والخلاف حينئذ في جموع القلة، إذ هو موضوع للعشرة فما دونها إلى الاثنين والثلاثة على الخلاف، أما جموع الكثرة فموضوعة لأحد عشر فما فوق بالاتفاق بين النحاة.
والذي يبدو لي في أقل جموع القلة هو ثلاثة وهو رأي الأكثر، ويؤيده قول ابن عباس - رضي الله عنهما- لعثمان - رضي الله عنه- (ليس الإخوة أخوين بلغة قومك) .
ثم إن الله قد أعطى الأم السدس في حالة وجود جمع من الإخوة فقال تعالى: "فإن كان له إخوة فلأمه السدس" [النساء:11] ، ومعلوم أن الأم تحجب بأخوين من الثلث إلى السدس، إلا أنه يستثنى من ذلك، أنه يعبر عن عضوين متصلين من جسدين بلفظ الجمع قصداً للتخفيف، كما قال الله: "فقد صغت قلوبكما" [التحريم:4] ، فإنه لو قال: "قلبكما" لثقل اجتماع ما يدل على التثنية فيما هو كالكلمة الواحدة مرتين، ومن فروع هذه المسألة وتصلح أن تكون مثالاً توضيحياً لها، لو أقر الإنسان على نفسه بدراهم، فهل يحمل على درهمين أو ثلاثة، ولو قال رجل: إن اشتريت سيارات فامرأتي طالق، فهل تطلق امرأته بشراء سيارتين أو ثلاثة؟. والله أعلم.