أما أقوال الصوفية في هذا الباب، وفي جملة من القضايا المتعلقة بالقبور فهي أقوال منافية للحق والصواب، والعقل والنقل، ومدعاة لسخرية الأمم بنا وسبب في ضعف الإيمان؛ ذلك أنهم يستخدمون هذه الطرائق لتعليق الناس بالقبور وأصحابها، بدلا من تعليقهم بالله تعالى، وقد يأتون على أقوالهم هذه ببعض النصوص المجملة، مثل النصوص الدالة على حياة خاصة لأهل البرزخ، ونصوص كونه عليه السلام يرد السلام على من سلم عليه من قريب أو بعيد، ويخلطون في هذه المسألة بين قانون الغيب، وقانون الشهادة ويجعلونهما سواء، وهذا خطأ كبير، وفساد في التصور، يصلون من خلال مسالكه إلى دعاء النبي والولي، والطواف بالقبور، والسجود لها، والاستغاثة بالمقبورين، والتوسل الشركي بهم، مما هو مخالف لعقائد الإيمان المحكمة، وقواعد الملة الثابتة.
وخلاصة القول أن وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من الأمور الثابتة بالنص والعقل والحس والإجماع، وهو عليه الصلاة والسلام لا يملك لنفسه، ولا لغيره ضرا ولا نفعا، كما قال الله تعالى: "قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون" [الأعراف:188] . وفي سورة الجن: "قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا" [الجن:21] .
هذا هو الدين المحكم القويم، والصراط المستقيم، الذي سار عليه الصحابة، والتابعون، وأتباعهم إلى يومنا هذا، نسأل الله لجميع المسلمين سلامة التوحيد، وصحة الاعتقاد.