ولا يخفى ما جعل الله في القلوب من التشوق إلى العيد والسرور به والاهتمام بأمره إنفاقا واجتماعا وراحة ولذة وسرورا، وكل ذلك يوجب تعظيمه لتعلق الأغراض به، فلهذا جاءت الشريعة في العيد بإعلان ذكر الله فيه، حتى جعل فيه من التكبير في صلاته وخطبته وغير ذلك مما ليس في سائر الصلوات، فأقامت فيه - من تعظيم الله وتنزيل الرحمة خصوصا - العيد الأكبر ما فيه صلاح الخلق كما دل على ذلك قوله –تعالى-: "وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم" فصار ما وسع على النفوس فيه من العادات الطبيعية عونا على انتفاعها بما خص به من العبادات الشرعية فإذا أعطيت النفوس في غير ذلك اليوم حظها أو بعض الذي يكون في عيد الله فترت عن الرغبة في عيد الله وزال ما كان له عندها من المحبة والتعظيم، فنقص بسبب ذلك تأثير العمل الصالح فيه، فخسرت خسرانا مبينا.
الوجه الخامس من الاعتبار: أن مما يفعلونه في عيدهم منه ما هو كفر ومنه ما هو حرام ومنه ما هو مباح لو تجرد عن مفسدة المشابهة، ثم التمييز بين هذا وهذا يظهر غالبا وقد يخفى على كثير من العامة، فالمشابهة فيما لم يظهر تحريمه للعالم يوقع العامي في أن يشابههم فيما هو حرام، وهذا هو الواقع فجنس الموافقة تلبس على العامة دينهم حتى لا يميزوا بين المعروف والمنكر.
الوجه السادس من الاعتبار: أن الله –تعالى- جبل بني آدم بل سائر المخلوقات على التفاعل بين الشيئين المتشابهين، وكلما كانت المشابهة أكثر كان التفاعل في الأخلاق والصفات أتم حتى يؤول الأمر إلى أن لا يتميز أحدهما عن الآخر، إلا بالعين فقط.