والوجه الرابع من السنة: ما خرجاه في الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها – قالت: دخل علي أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث، قالت وليستا بمغنيتين، فقال أبو بكر أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك يوم عيد - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – (يا أبا بكر إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا) وهذا الحديث بدل على المنع من وجوه: أحدها قوله (إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا) فإن هذا يوجب اختصاص كل قوم بعيدهم، كما أنه - سبحانه - لما قال:" ولكل وجهة هو موليها " وقال:" لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا " أوجب ذلك اختصاص كل قوم بوجهتهم وبشرعتهم، فإذا كان لليهود عيد وللنصارى عيد كانوا مختصين به فلا نشركهم فيه، كما لا نشركهم في قبلتهم وشرعتهم.
الوجه الثاني: قوله:" وهذا عيدنا " فإنه يقتضي حصر عيدنا في هذا فليس لنا عيد سواه.
الوجه الثالث: أنه رخص في لعب الجواري بالدف وتغنيهن؛ معللاً بأن لكل قوم عيداً وأن هذا عيدنا، وذلك يقتضي أن الرخصة معللة بكونه عيد المسلمين، وأنها لا تتعدى إلى أعياد الكفار؛ ولأنه لا يرخص في اللعب في أعياد الكفار كما يرخص فيه في أعياد المسلمين، إذ لو كان ما يفعل في عيدنا من ذلك اللعب يسوغ مثله في أعياد الكفار أيضاً، لما (قال فإن لكل قوم عيدا وإن هذا عيدنا) ، وهذا فيه دلالة على النهي عن التشبه بهم في اللعب ونحوه.