5- ثم بعد ذلك أليس الأجدى لنا أن نتشاغل بأسباب دخول الجنة وسلوك الطريق الموصل إليها؟ فإذا أكرمنا الله بها فإن وراء ذلك النعيم كله، ولن تحرم في الجنة من شيء تشتهيه، ولكن الشأن في سلوك طريق أهلها، والبعد عما يبعد عنها.
6- سمع سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنهما- ابنه يدعو وهو يقول: "اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وإستبرقها، ونحواً من هذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها فقال: لقد سألت خيراً كثيراً، وتعوذت بالله من شر كثير، وإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:" إنه سيكون قوم يعتدون في الدعاء"وقرأ هذه الآية "ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين" [الأعراف:55] وإن بحسبك أن تقول: اللهم إني أسألك الجنة، وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار، وما قرب إليها من قول أو عمل" رواه أبو داود (1480) وأحمد (1483-1584) وإسناده حسن.
وورد نحوه عن عبد الله بن مغفل -رضي الله عنه- أنه سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها فقال: أي بني سل الله الجنة وتعوذ به من النار فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:" إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطَّّهُور والدعاء" رواه أبو داود (96) وأحمد (16795-16801) وإسناده صحيح.
وكما أن هذا أدب في الدعاء، فهو أيضاً أدب في العلم، فعلينا التشاغل بما يعيننا بدءاً وهو العمل الصالح، والاستغناء بما أخبر الله به من نعيم يشوق إلى الجنة ويبعث على العمل، وترك التكلف بالسؤال عما كفينا، فلو كان هذا مما يحتاجه الناس لبينه الله لهم كما بين غيره من أحوال أهل الجنة.