ثالثاً: نقع في خطأ كبير عندما ننقل قوانين الأرض الفيزيائية والطبيعية إلى عالم البرزخ أو إلى ملكوت السماوات، أو إلى غيب الآخرة.
يا بني إن هذه الأرض التي تراها على امتدادها وانفساحها وسعتها ما هي إلا هباءة تسبح في ملكوت واسع، أو كما يقول بعض علماء الفلك: "الأرض بالنسبة للكون نقطة على كلمة في مجلد في مكتبة". فكيف تريد أن تنقل قوانينها الفيزيائية والطبيعية وتعممها في الكون كله وتنقلها إلى آفاق السماوات وغيب الآخرة.
يا بني إن المركبة الفضائية الصغيرة إذا خرجت من الأرض نظرت إليها عن بعد فإذا هي كالبرتقالة، وانفكت عن أول قوانين الأرض التي كانت تأسرها وهي الجاذبية، فكيف تنقل قوانين الأرض إلى ملكوت الله الفسيح، أو إلى غيب الآخرة المحجوب عنّا.
رابعاً: إنك تساءلت عن عذاب النار، ولماذا يكون بالنار ولا يكون بغيره من أنواع العذاب؟ والذي ينبغي علينا أن يكون تساؤلنا الحقيقي عندما نذكر النار هو: ما الذي يكون سبباً في اتقاء عذابها والفوز بالنجاة منها "فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز" [آل عمران:185] .
لا أن يكون تساؤلنا في اقتراح أنواع من العذاب فيها، ولذلك أُمرنا بالاستعاذة من عذاب النار في كل صلاة، نقول: اللهم إننا نعوذ بك من عذاب النار ومن عذاب القبر، وحكى الله عن عباده الصالحين دعاءهم "ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما" [الفرقان:65] .
إن الذي ينبغي أن نتساءل عنه كيف نتقي عذاب النار، وليس الانشغال بالتساؤل عن أنواع عذاب النار وكيفيتها وما هو الأشد منها عافانا الله وإياك وأعاذنا من النار.