وأما الوصايا العشر التي جاء ذكرها في سِفْر الخروج من التوراة التي بأيدي القوم فيما يسمى بالعهد القديم، فقد جاءت بصيغتين، إحداهما تتصل بالعقيدة والأخرى أكثر اتصالاً بالتشريع، وليس فيهما نص أو إشارة إلى عدم القتال. بل إننا نجد في سفر التثنية من العهد القديم (التوراة) وفي غيره أحكامًا كثيرة شديدة تتعلق بالحرب والقتال وما يترتب على ذلك من آثار في الأموال والأشخاص كالغنائم والأسرى والاسترقاق.. إلخ، وهذا واضح عندهم في نصوص كثيرة. كما أن قصة موسى عليه السلام في القرآن الكريم جاء فيها ما يدل على ذلك. ولهذا لا يصح القول بأن الوصايا العشر تدل على عدم القتال، على خلاف في أمر آخر وهو: هل القتال كان مفروضًا على القوم استقلالاً أم تبعًا لفرضيته على النبي. ومن ثَمَّ لا يقال: إن الله تعالى غيّر رأيه. فهذا مما لا يوصف الله تعالى به ولا يقال في حقّه سبحانه. ولو اختلفت شريعة نبي عن آخر في التشريع، فإن ذلك نسخ لبعض الأحكام، ولكل نبي شريعة تخصه، وقد تختلف عن الشرائع الأخرى لحكمة أرادها الله تعالى- كما هو معروف- وبعد هذا يظهر ما في الفقرة الأخيرة في السؤال من خطأ أو تجاوز في التعبير، فلا يقال: إن أحد النبيين ليس نبيًّا. لأنك تقول إنه أحد النبيين، وهذا اعتراف بنبوته بحق. والله أعلم.