وأما الحادثة التي نسبها إلى عمر – رضي الله عنه - فقد أوردها بعض المفسرين في بيان سبب قوله تعالى: "ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم ... " إلى قوله: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ... " [النساء:60] ، فقد أخرج الثعلبي والواحدي والبغوي أنها نزلت في رجل من المنافقين نازع رجلاً من اليهود, فقال اليهودي: بيني وبينك أبو القاسم , وقال المنافق: بيني وبينك الكاهن. وقيل: قال المنافق: بيني وبينك كعب بن الأشرف, يفر اليهودي ممن يقبل الرشوة، ويريد المنافق من يقبلها. ويروى أن اليهودي قال له: بيني وبينك أبو القاسم. وقال المنافق: بيني وبينك الكاهن, حتى ترافعا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم - فحكم لليهودي على المنافق, فقال المنافق: لا أرضى, بيني وبينك أبو بكر; فأتيا أبا بكر فحكم أبو بكر لليهودي. فقال المنافق: لا أرضى, بيني وبينك عمر. فأتيا عمر فأخبره اليهودي بما جرى; فقال: مهلاً حتى أدخل بيتي في حاجة , فدخل فأخرج سيفه ثم خرج, فقتل المنافق ; فشكا أهله ذلك إلى النبي -صلى الله عليه وسلم - فقال عمر: يا رسول الله ; إنه رد حكمك. فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنت الفاروق) وهذا الخبر لم يصح سنده؛ لأنه من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس – رضي الله عنهما -، وطريق الكلبي عن ابن عباس – رضي الله عنهما - من أوهى الطرق وأضعفها، فالخبر لم يصح أصلاً، ثم لو صح هذا الخبر عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -، لكنا جزمنا بصواب فعله – رضي الله عنه -؛ وذلك أن النبي – صلى الله عليه وسلم - قد أقره على ذلك ولم ينكره، بل سماه الفاروق، وما كان له عليه الصلاة والسلام أن يقره على فعله لو لم يكن صواباً، والمعلوم من سنته وهديه – عليه الصلاة السلام - أنه كان لا يقر أحداً على منكر مهما كانت منزلته ومحبته له، فهذا أسامة بن زيد – رضي الله عنها - مع محبة النبي – صلى الله عليه وسلم - له لما قتل رجلاً من بعد أن