فاليهود حرفوا التوراة، واستعاضوا عنها بتعاليم الحاخامات وتلمودهم واستطالوا على الله ورسله، والنصارى اتبعوا بولس وهجروا دين المسيح عيسى ابن مريم – عليه السلام- وقالوا بالحلول والتجسد والإبنية والتثليث، فأين هذا من ملة إبراهيم – عليه السلام-، لما كان الأمر كذلك برأ الله نبيه وخليله إبراهيم من اليهودية والنصرانية، فقال: "ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً" [آل عمران: 67] ، وأنكر الله –تعالى- على اليهود والنصارى انتحالهم إبراهيم والأنبياء من ذريته، فقال: "أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هوداً أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله" [البقرة: 14] .
إذا تقرر هذا تبين أن ملة إبراهيم ليست إرثاً تاريخياً يستحق بالنسب بل هي دين واتباع: "قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً" [الأنعام: 161] ، فمعتنق التوحيد الخالص على ملة إبراهيم ولو كان من العجم، والراغب عن التوحيد الواقع في الشرك والتثليث ليس على ملة إبراهيم ولو كان من ذرية إسماعيل أو إسحاق عليهما السلام من العرب أو اليهود.
واليهود يزعمون أنهم ينالون شرف الإبراهيمية لمجرد النسب التاريخي، وأن الله أعطاهم عهداً مطلقاً واختارهم، بصرف النظر عن التزامهم بملة إبراهيم، وهذا من كذبهم وإفكهم، فقد قال الله لإبراهيم لما جعله للناس إماماً، وسأله قائلاً: "ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين" [البقرة: 124] .