لا شك أن الإسلام في هذه الأزمنة قد انتشر وظهر، وأمكن كل إنسان عاقل أن يبحث ويعرف ما يجب عليه، حتى يعلم الإسلام الصحيح والكفر الصريح، ولكن الكثير من أهل الكفر والبدع قد اقتصروا على أديانهم، وأقنعهم أكابرهم بصحة ما هم عليه، فأضلوهم عن سواء السبيل، وأوقعوهم في الكفر الصريح، وظنوا أنهم على حق وصواب، حيث اتبعوا رؤساءهم، وهم الذين يقولون: "ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا" [الأحزاب:67] وقال تعالى: "يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنّا مؤمنين" [سبأ: 31] ، وفي يوم القيامة يتحمل الرؤساء مثل آثام الأتباع، لقوله تعالى: " وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم" [العنكبوت: 13] ، وقال تعالى: "ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم" [النحل: 25] ، ومن وقع في الكفر الظاهر كالشرك والتكذيب بالرسل والتكذيب بالبعث فإنه يعتبر كافراً لأنه أعرض عن القرآن والسنة وصد عن سبيل الله، وأطاع رؤساءه وأكابر قومه، فالحجة قائمة عليه، والحكم أنه يرفع اسم الإسلام عنه، وأمره إلى الله، فلا يدعى له ولا يستغفر له، ويكون في يوم القيامة مع رؤسائه، ويتبرأ كل منهم من الآخر، كما قال تعالى: "إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب" [البقرة: 166] ، ومع ذلك يحرص أهل السنة على إقامة الحجة على الأتباع والمتبوعين، فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها، ومن لم تبلغه الحجة ولم يتمكن من معرفة الحق والدين، فحكمه حكم أهل الفترات، الذين يختبرون في الآخرة، والله أعلم بما كانوا عاملين.