أما الأول: فمع أن النصيريين يعدّون ديانتهم ومذهبهم سراً من الأسرار العميقة كما ورد في كتابهم: (الهفت الشريف) : (يا مفضل: لقد أعطيت فضلاً كثيراً، وتعلمت علماً باطناً فعليك بكتمان سر الله ولا تطلع عليه إلا ولياً مخلصاً) ، وقصة سليمان الأذني وهو من أبناء مشايخ النصيريين لما ألَّف كتابه "الباكورة السليمانية"، وكشف فيه الكثير من أسرار العقائد النصيرية فأحرقوه حياً، وقصته مشهورة، أقول ومع ذلك الحرص تسربت بعض العقائد النصيرية إلى الضوء، فاطلع عليها الدارسون والباحثون وقالوا كلمتهم في الطائفة ومعتقداتها.. فمن معتقدات النصيرية (الحلول والاتحاد) ، فيرون أن الألوهية حلت في علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-! بل الإله في المذهب النصيري حل في البشرية منذ بدء الخليقة، ففي كتاب: (تعاليم الديانة النصرانية) ، وهو مخطوط في المكتبة الأهلية بباريس تحت رقم (6182) جاء فيه أن هناك سبعة أدوار للظهورات الإلهية اتخذت في كل دور وظهور رسولاً ناطقاً، فالظهور الأول كان في (شيث) وكان (آدم) هو الرسول الناطق، ثم انتقلت الألوهية إلى (سام) ، والنبوة إلى (نوح) وبعدها انتقلت إلى (إسماعيل) ، والنبوة إلى (إبراهيم) ، ثم انتقلت الألوهية إلى (هارون) والنبوة إلى (موسى) ، ثم انتقلت الألوهية إلى (شمعون الصفا) المعروف عند النصارى بـ (بطرس) ، والنبوة إلى (عيسى) ، وظهرت للمرة الأخيرة في (علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-) والنبوة في (محمد - صلى الله عليه وسلم-) ، وقد ذكر هذه العقيدة الإسماعيلي مصطفى غالب في مقدمته لكتاب (الهفت) للجعفي.
وبناءً على ذلك يكون علي إلهًا في الباطن وإماماً في الظاهر، وهذا ما ورد في كتاب (المجموع) صراحة السورة (8-9-10) ، (يا علي بن أبي طالب أنت إلهنا باطناً وإماماً ظاهراً) ، و (أشهد بأن الصورة المرئية التي ظهرت في البشرية هي الغاية الكلية، وهي الظاهرة بالنورانية، وليس إله سواها، وهي علي بن أبي طالب) .