الفكر الليبرالي فكر أرضي مادي شهواني، أعده قوم لا يرجون لله وقاراً، ولا يحترمون أنبياء الله ولا يعظمون وحيه المعصوم، وجذور هذا الفكر تستند إلى قاعدة مادية إلحادية مفادها (أن الحياة والكون والإنسان كلها مستقلة بذاتها ليست في حاجة إلى إله) وعلى ذلك وضعوا مبدأً يقول بألوهية الإنسان، وأنسنة الإله، أي أن الإنسان أصبح إله نفسه، وإن الإله قد تحول إلى إنسان، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
وبناءً على ذلك قرروا أن الإنسان له الحرية المطلقة في اعتقاداته وأعماله وسلوكياته وتصرفاته، وهذا ما يسمونه " بالليبرالية" و"العلمانية" التي تعني "اللادينية"، وهذا مصداق قول الله تعالى: "أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً" [الفرقان: 44] .
ورغم هذه الدعوى العريضة التي يدعيها الليبراليون في الحرية المطلقة، فإننا نجد أنهم يفعلون ذلك فيما يتعلق بالأخلاق والأديان، انفكاكاً من تأثيرها وابتعاداً عن مضمونها ومقتضياتها، ولكنهم- في الوقت نفسه- يفرضون على الناس قيوداً تحد من حريتهم وتقلص من اختيارهم، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، أن الليبرالية في بلاد الغرب (أوروبا وأمريكا) يمنعون أي انتقاد لليهود وأي مناقشة لمزاعمهم التاريخية في الحرق والإبادة، ويعتبرون من يفعل ذلك (معاد للسامية) ويستحق العقوبة، وتستحق كتبه المصادرة والإتلاف.
ويمنعون الحديث الصريح والمكشوف عن الجرائم الأمريكية التي تمارسها ضد المسلمين في العراق وأفغانستان وفلسطين وغيرها، ويعتبرون ذلك مخالفاً لمصالحهم العليا، وفصل الصحفي الأمريكي الشهير الذي تحدث عن جرائم أمريكا في العراق من أوضح الأدلة على حريتهم وليبراليتهم المزعومة.
فأين هي الليبرالية؟ وأين هي الحرية المطلقة؟ التي يحاولون ترويجها بمعسول الكلام، ومخادعة العقول.