فالذي يظهر من هذه الأعمال المسؤول عنها أنها من خرافات القبوريين، والقبوريون يصرفون الناس بأفاعيلهم هذه عما ثبت بالسنة التبرك به والاستشفاء به ويصرفونهم إلى القبور والموتى، وهذه من أكبر ذرائع الشرك التي جاء الإسلام بسدها، ومما يدل على أنه لا يجوز التبرك بأتربة القبور ولا الاستشفاء بها أن صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وتابعيهم -وهم أحرص الناس على السنة وأحبهم لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأكثرهم تعظيماً له وأعرفهم بأحكام دينهم- لم يرد عن أحد منهم أنه كان يأخذ شيئاً من تراب قبر النبي –صلى الله عليه وسلم- ويتبرك به أو يستشفي، مع أن القبر كان تراباً وفي غرفة عائشة –رضي الله عنها- ومن السهولة بمكان الوصول إليه والأخذ من ترابه، نعم يجوز التبرك والاستشفاء بما ثبت من آثار النبي –صلى الله عليه وسلم- كعرقه ولعابه وشعره بأبي هو وأمي –صلى الله عليه وسلم- كما فعلت أم سليم وبقية الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم أجمعين- لكن من المقطوع به أنه لم يبق من أثر النبي –صلى الله عليه وسلم- شيء البتة، وما زعم أنه من أثر النبي –صلى الله عليه وسلم- كما يقال عن شعره في الهند أو غير ذلك فهو من الكذب واستعطاف عقول الناس لاستدرار أموالهم، أما إمكانية الدخول إلى قبر النبي –صلى الله عليه وسلم- الآن فهذا أمر لا دخل للواسطة فيه الآن، والظاهر أنه -كما ذكرت السائلة- مصبوب حوله الرصاص لا يستطيع أن يصل إلى تربته أحد –والله أعلم- وقد قال ابن القيم في نونيته عند حديث: "اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد" رواه أحمد (7311) ، وغيره عن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال:
فأجاب رب العالمين دعاءه*** وأحاطه بثلاثة الجدران
حتى غدت أرجاؤه بدعائه*** في عزة وحماية وصيان.